فاستأذن من الوالي داود ، فأذن له في ذلك ، فذهب فجعله الصدر المقدم في بلده ، واحتفى به احتفاء بالغا ، واعتبر قدومه إليه زينة لبلاده ، وغنيمة في بساطه ، ورغب منه دوام البقاء عنده ، ولكن الزيارة تضيق عن معلوماته وتصغر في وجه نشاطه العلمي ، فعاد إلى عاصمة الرشيد بغداد.
مؤلفاته :
هي كثيرة جدا ، ومفيدة لأنها ليست مجرد نقل ، وإنما كتبها من علوم هضمها ، ومعارف شربها ، فجاءت مؤلفاته بأفكار حرة من معارفه الخاصة ، وبمعانيه المبتكرة ، وصاغها بأسلوبه الأدبي وجمله البليغة ، ومن هذه المصنفات :
١ ـ الشذرات الفاخرة في نظم الورقات الناضرة ، نظم في أصول الفقه (١).
٢ ـ منظومة في فقه المالكية سماها : الدرة الثمينة ، في مذهب عالم المدينة.
٣ ـ تحفة التحقيق لمعرفة الصديق ، في ألغار الفرائض ، توجد مخطوطة.
__________________
(١) وقد قرّطها السيد الشيخ محمد الرافعي أديب طرابلس الشام بقوله : وقفت على هذه الشذرات ففضلتها على شذرات الذهب ، وقلّبت طرفي في هذه الزهرات التي أصابها صوب الأدب فتصاعدت الزفرات إليها شوقا إلى ناظمها ، فكيف مثل هذه الدرة أن تحرم منه الشام وتحظى به البصرة ، ولعمري إنه لجدير أن تشد إليه الرواحل ، ويرفع مقامه على الرؤوس والكواهل ، ويفضل على أبناء عصره تفضيل الفرض على النوافل. كتبه الفقير محمد الرافعي ، وهو في حلب عام ١٢١٥ ه.
وقرّظها الشيخ عبد الله العطاني فقال : نظرت في هذه الشذرات التي هي كالزهرات ، فلو رآها ابن الوردي لقال : هذه من بعض وردي ، ولا أظن يبري الزمان أخاها روما يجري مجراها ، كيف وناظم عقدها وناسج بردها الفاضل النبيل وارث سيبويه والخليل عثمان بن سند ، فلقد رأيته في حلب فرأيت منه العجب.