ومات من الذين أصيبوا منهم قدر خمسين ، في بطن الديرة ، وأقام محمد هناك وأمر على من معه من الجنود بقطع نخيل الوادي. فقطعوا غالبها ، واحتصر أهل عنيزة ، في بلدهم ، وقدم على محمد ابن الإمام فيصل في منزله ذلك طلال بن عبد الله بن علي بن رشيد في بقية غزو أهل الجبل.
ولما كان في شعبان من هذه السنة قدم محمد بن أحمد السديري بلد الرياض ومعه غزو أهل الحساء ، فأمر الإمام على ابنه عبد الله أن يسير بهم وبباقي غزو وبلدان المسلمين. فخرج عبد الله بمن معه من جنود المسلمين ومعهم المدافع والقبوس وتوجه إلى بلد عنيزة ، فلما وصل إلى شقراء أرسل المدافع وأثقاله إلى أخيه محمد ، وهو إذ ذاك في وادي عنيزة ، ثم عدا عبد الله على عربان عتيبة ، وهم على الرشاوية فأخذهم وتوجه إلى عنيزة ، ونزل عليه وحاصرها ، ونصب عليها المدافع ، ورماها رميا هائلا ونزل عليه أخوه محمد بمن معه من الجنود ، واجتمع هناك جنود عظيمة لا يحصيها إلّا الله تعالى. وأحاطوا بالبلد ، وثار بينهم الحرب ، وعظم الأمر واشتد الخطب ، ودامت الحرب بينهم أياما.
ثم إن أهل عنيزة طلبوا الصلح من عبد الله بن الإمام فيصل. وكان أبوه قد ذكر له أنهم إن طلبوا الصلح فأجبهم إليه ، وإياك وحربهم. وقد أكد عليه في ذلك وذكر له أن عقد الصلح معهم يكون على يدي ومواجهتي. وكان ، رحمهالله تعالى ، إماما عادلا حسن السيرة رؤوفا بالرعية محسنا إليهم شفيقا على المسلمين ، حريصا على مصالحهم ، فكتبوا بذلك إلى الإمام فأجابهم إلى ذلك حقنا لدماء المسلمين ، ورفقا بهم وأعطاهم الأمان على أن الأمير عبد الله اليحيى السليم يقدم عليه في بلد الرياض ، ويحضر عنده. فخرج عبد الله آل يحيى ، إلى عبد الله ابن