النعم التي منّ الله تعالى بها ، وكان باب الخير والسعادة فيها شيخنا أبو
عبد الله القصري رحمة الله عليه ، وله موضوعات مفيدة منها : اختصار
الكافي في «القراءات» لم يسبق إلى مثله ، صغير الحجم غزير العلم ، انتفع به الطلبة
وحفظوه ، وله مقدمة في النحو ، وأخرى في الحديث ، وأخرى في نصح الشباب.
وكان أخصّ
أولاد المجاورين به الشيخ الفقيه العالم المتقن المقري ، نائب الخطابة والإمامة
بالحرم الشريف النبوي ، شمس الدين محمد بن الشيخ صالح بن إسماعيل الكناني الشافعي
المدني ، جوّد على الشيخ القراءات السبع وأتقنها ، وورث من الشيخ ما كان يعلمه
منها ، وانتفع به أهل المدينة وغيرهم من الواردين وحصلوا وانتفعوا.
وكان شمس الدين
ملازما للشيخ أبي عبد الله ، حتى كأنه ولده وكان الشيخ أبو عبد الله يتمثل
في شمس الدين وأخيه علي ، قوله تعالى : (فَكانَ لِغُلامَيْنِ
يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما
صالِحاً) [الكهف : ٨٢].
وكان والدهما
الشيخ صالح صالحا على اسمه ، وكان صانعا مبيضا ، متقنا ناصحا ،
يشتغل بالتبييض في الحرم الشريف ، وذكر ولده شمس الدين أنه حجّ ثماني عشرة حجة ـ أعني
والده ـ وأنه أعتق نحو ثلاثين مملوكا تقبل الله منه ، وسأل الله يوما أن يرزقه
ولدا صالحا قارئا لكتاب الله ، ثم تزوّج فرزق هذين الولدين ، وأعطي فوق ما سأله في
ولده شمس الدين ، وكان ولده عليّ رجلا صالحا يخدم مشهد سيدنا حمزة رضياللهعنه.
وكانت وفاة
الشيخ أبي عبد الله القصري في القدس الشريف في سنة
__________________