الزمردي (١) ، كانا على نسق واحد من حسن الهيئة والمهابة والرّجلة والحذاقة ، مع المحافظة على المروءة ، والسلامة من الناس في مخالطتهم ، توفي الزمردي بمكة سنة خمسين وسبعمائة. وأما جمال الدين الإخميمي رحمهالله تعالى ، فإنه رأس الخدام حتى عين لمشيخة الحرم لكن أدركته المنية.
وكان ـ رحمهالله ـ فإنه رأس الخدام في وقته ، وأكثرهم حشما ، وأبعدهم من الشر وأهله ، لين الجانب كثير الأدب ، حسن الخلق رحمة الله عليه ، وبنى دارا حسنة وأوقفها ، فلما كملت مات قبل أن يسكنها عوضه الله خيرا.
وكان لي من ودّه وموالاته نصيب وافر ، وكان له نخل أوقفه ، وغلام أعتقه وجعله مع الفراشين هو من خيارهم ، جزاه الله خيرا ورحمه رحمة واسعة. توفي سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
ومنهم شهاب الدين (٢) مرشد الفادي (٣) رحمهالله ، كان قريبا من الناس ، سريع الميل إلى من يؤانسه ويجالسه ، وكان يتعانى الأشياء الحسنة اللطيفة من الأشربة والأمواه والمعاجين والفاكهة ، ولا يزال بيته معمورا بالضيفان ، مبذولا للإخوان ، يعمل الأشياء الفاخرة من الحلوى العزيزة الوجود في الحجاز ، ويهديها لأصحابه ، ويتحف بها من يرغب في بركته ودعائه من صالحي المجاورين.
وكان ـ رحمهالله ـ قلّ أن تطلب منه حاجة فيقول : لا أجدها ، بل يحرص على تحصيلها ويطلبها من مظانها حتى يقضي حاجة صاحبها ، سجيّة صالحة ، وتجارة رابحة.
ومنهم الطواشي نصر ، رحمهالله ، كان من عباد الله الصالحين ، كان من الخدام القدماء الصلحاء ، المتمرنين على العبادة ، المتصفين بصفات أهل السعادة ، كان يجاور سنة بالمدينة وسنة بمكة ، وكان يختار سكنى رباط
__________________
(١) ترجمته في : «المغانم المطابة» ، الورقة ٢٥٤ / ب.
(٢) ترجمته في : «المغانم المطابة» ، الورقة ٢٥٩ / أ.
(٣) في «المغانم المطابة» : القاري.