طلب الإمام إلى عنده حتى تحصل له فضيلة صلاة الجماعة ، وكان يتكلف الصلاة قائما في مرض موته ، رحمهالله.
وكان شديد الرغبة في سماع الحديث ، وسماع القراءات ممن له صوت حسن ، وكان كثير التعظيم لشعائر الدين مبغضا لجميع طوائف المبتدعة ، وكان حسن الظن بالله كثير الاعتماد عليه ، وكان معظما للشرع منقادا لأوامره ، وقد جرى من المحاكمة نحو ما جرى للملك العادل ، رحمهماالله تعالى.
وكان من أعظم الشجعان قوي النفس شديد البأس على الكفار ، عظيم الثبات لا يهوله أمرهم ، ولا تهمه كثرتهم أصلا ، وكان منصورا عليهم في الغالب.
وكان شديد المواظبة على الجهاد عظيم الاهتمام به ، ولو حلف حالف أنه ما أنفق بعد تبتله للجهاد دينارا ولا درهما إلا في الجهاد أو في الإرفاد ترغيبا في الجهاد ، لصدق وبر في يمينه ، والذي وهب من الخيل في مرج عكا عشرة آلاف رأس.
وكان المسلمون في تلك الوقعة بالنسبة إلى النصارى مثل الشامة فيهم ، ولقد وصل إلى النصارى على كثرتهم نجدة جاءتهم في البحر فعدّ ما وصل إليهم في ليلة واحدة فكان نيّفا وسبعين مركبا. وهو لا يزداد إلا قوة نفس ، وثبات قلب ، ولقد انهزم المسلمون في ذلك اليوم الميمنة والميسرة والقلب ، ووقع الكوس والعلم ، وهو ثابت في نفر يسير من المسلمين قد انحاز بهم إلى الجبل ، وهو يريد الناس ويخجلهم ، ولم يزل يجمع الناس حتى ردوا على العدوّ وقتلوا منهم سبعة آلاف ما بين راجل وفارس ، ولم يزل مصابرا لهم حتى ظهر له ضعف المسلمين ، فصالح النصارى ففرحوا منه بذلك ، وكان هذا دأبه إذا رأى الغلبة له استأصلهم ، وإذا رأى الغلبة عليه صالحهم ، كل ذلك ليتوفر جيش الإسلام ويقوى.
وكان ـ رحمهالله ـ سلطانا عادلا رفيعا حليما ناصرا للضعيف على القوي ، وكان حسن الأخلاق لطيف العشرة حافظا لأنساب العرب ووقائعهم ، عالما بعجائب الدنيا ونوادرها ، وكان طاهر المجلس لا يذكر بين