فصل
قد عنّ لي أن أذكر من أدركته من أمرائنا ومدة ولايتهم على سبيل الاختصار ، معرضا عما يتعلق بقصصهم ، وشرح حالهم وسيرهم مع رعاياهم ، إلا ما لا بد منه ، فإن ذلك هو المقصود والذي أردناه.
فأول من أدركته من الأمراء الأمير عز الدين جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن حسين بن جعفر بن حسين بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضياللهعنه وعن فاطمة الزهراء البتول وعن ذريتهما الطيبة الطاهرة ، وحشرنا في زمرتهم ، ونفعنا بمحبتهم ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
كان الأمير جماز ـ رحمهالله ـ شجاعا مهيبا سايسا حازما ، ذا رأي مصيب وهمة عالية ، ترقت همته إلى أن قصد صاحب مكة وهو الأمير نجم الدين أبو نمي محمد (١) بن صاحب مكة أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني ، وحاصره وانتزع منه مكة المشرفة ، فاستولى عليها وحكم فيها وأقام بها مدة يسيرة ، ثم عادت إلى أبي نمي ، وذلك في سنة سبع وثمانين وستمائة (٢).
وكان والده الأمير شيحة متوليا على المدينة انتزعها من الجمامزة في سنة أربع وعشرين وستمائة ، وطريق وصولها إليه أن صاحب المدينة المتولي عليها في أيام الخليفة أمير المؤمنين المستضيء بأمر الله بن المستنجد بالله العباسي ، هو الأمير عز الدين أبو فليته قاسم (٣) بن مهنا ،
__________________
(١) ترجمته في : «العقد الثمين» ١ / ٤٥٦ (١٤٤).
(٢) انظر : «إتحاف الورى» ٣ / ١١٨ ، حوادث سنة سبع وثمانين وستمائة.
(٣) تقدم ذكر ترجمته.