تراهم لباس الفضلاء يلبسون ، وبالحدس والتخمين يفتون ، ويقولون ما لا
يفعلون ، (هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر : ٩]؟!.
واعلم ـ أرشدنا
الله وإياك ـ أنّ من سعى على العلماء بجهل وعناد ليخمل ذكرهم ، ويسقط كلمتهم
وأمرهم ونهيهم ، فهو بلا شكّ إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان ، ويكفيه ذلك عند
الله هوان ، وأمّا من ظنّ في نفسه أهلية الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ـ ولم
يره الناس لذلك أهلا ـ فلا يترك قوله أصلا ، حتى يظهر حجته ، ويبدي صفحته ، فإمّا
أعذر فنجا ، وإما أسره الحقّ فارتدى ، وما أحقّه بالتعزير والهوان الشديد.
قال مالك رحمهالله : لا خير فيمن يرى نفسه بحالة لا يراه النّاس لها أهلا.
وقال : ليس كلّ
من أحبّ أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس ، بل حتى يشاور أهل الصّلاح والفضل
، وعلماء تشير إليه جهة المسجد ، فإن رأوه أهلا لذلك جلس ، وما جلست حتى شهد لي
سبعون شيخا من أهل العلم أنّي أهل لذلك .
ولما بلغني عن
بعض المتعصّبة من المتفقّهة ، وعن جماعة من أهل الشّرّ متعددة ، إنكارهم وضع حجر
أو أحجار بالمسجد الشريف وضعت علما على موضع حاكم ، أو مفت ، أو عالم ولم أر معه
صوابا ، ولا كان لفضوله يستحق جوابا ، أردت أن أبدي ما عندي في ذلك.
وما ذكره
الرّواة عن الإمام مالك رضياللهعنه ، ليكون عدّة لأهل العلم إذا عوندوا ، وحجة لهم إذا
بوحثوا ، وأضيف إلى ذلك شيئا من أحوال من كنت في زمانه من المشايخ الصلحاء ،
والأكابر العلماء ، والخدام الأرقّاء ، وأسمي من حضرني اسمه ، وشيئا من كراماته
ليحيى بها ذكره ، وينشر بها علمه ، وألحق بذلك أشياء حسنة من تاريخ من كان قبلنا
من الثقات يرتاح إليها من سمع لها ، ولم يقف على صحة نقلها ، فيجدها هنا وعسى أن
يقف على ذلك منصف ، فيتّصف بأخلاقهم السّنية ، ويتأدّب بآدابهم العلية.
__________________