الرّخام ، وإذا كان القمر أدخل الرجل الذي يخيط بالليل في ضوء القمر في بياض الرّخام الخيط في حجر الإبرة.
قال : وذكر بعض المشايخ : أنّ الإسكندريّة بنيت ثلاثمائة سنة ، وسكنت ثلاثمائة سنة ، وخربت ثلاثمائة سنة ؛ ولقد مكثت سبعين سنة ما يدخلها أحد إلّا وعلى بصره خرقة سواد ؛ من بياض جصّها وبلاطها ، ولقد مكثت سبعين سنة ما يستسرج فيها.
قال : وأخبرنا ابن أبي مريم ، عن العطّاف بن خالد ، قال : كانت الإسكندريّة بيضاء تضيء بالليل والنهار ، وكانوا إذا غربت الشمس لم يخرج أحد منهم من بيته ، ومن خرج اختطف ، وكان منهم راع يرعى على شاطىء البحر ، وكان يخرج من البحر شيء فيأخذ من غنمه ، فكمن له الراعي في موضع حتّى خرج ؛ فإذا جارية ، فتشبّث بها ، فذهب بها إلى منزله فأنست بهم ، فرأتهم لا يخرجون بعد غروب الشمس ، فسألتهم ، فقالوا : من خرج منّا اختطف ، فهيّأت لهم الطّلسمات بمصر في الإسكندرية (١).
وأخرج عن عطاء الخراسانيّ ، قال : كان الرّخام قد سخّر لهم حتّى يكون من بكرة إلى نصف النهار بمنزلة العجين ، فإذا انتصف النهار اشتدّ.
وأخرج عن هشام بن سعد المدينيّ ، قال : وجد بالإسكندريّة حجر مكتوب فيه مثل حديث ابن لهيعة سواء ؛ وزاد فيه : «وكنزت في البحر كنزا على اثني عشر ذراعا لن يخرجه أحد حتّى تخرجه أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم».
وقال التّيفاشيّ (٢) في كتاب سرور النفس بمدارك الحواس الخمس : كانت الإسكندريّة تسمّى قبل الإسكندر رفودة ، وبذلك تعرفها القبط في كتبهم القديمة.
قال ابن عبد الحكم : وحدّثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، قال : كانت بحيرة الإسكندرية كرما كلّها لامرأة المقوقس ؛ فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم ، وكثر الخمر عليها حتّى ضاقت به ذرعا ، فقالت : لا حاجة لي في الخمر
__________________
(١) ذكر هذا الخبر ياقوت الحموي في مادة الإسكندرية في معجم البلدان.
(٢) شهاب الدين التيفاشي (١١٨٤ ـ ١٢٥٣ م) ولد في تيفاش الجزائر ، رحل إلى مصر ودمشق وتوفي بالقاهرة. [المنجد في الأعلام].