الإخشيذيّ (١) إلى مصر ، فنظر إليه ، ثم أخرج من الماء ، وألقي في البرّ ، وكان في أسفله كتابة لا يدرى ما هي ، ثمّ أعيد إلى البحر فغرق وبطل فعله.
١٧ ـ والإسكندريّة ؛ فإنّها مدينة على مدينة على مدينة ثلاث طبقات ، وليس على وجه الأرض مدينة على مدينة على مدينة على هذه الصفة سواها. ويقال : إنّها إرم ذات العماد ، سمّيت بذلك لأنّ عمدها ورخامها من الديجنا والأصطفيدس المخطّط طولا وعرضا.
والمنارة التي بها ، وسيأتي ذكرها.
١٨ ـ ومنارة بناحية أبويط (٢) من بلاد البهنسا ، محكمة البناء ، إذا هزّها الإنسان مالت يمينا وشمالا ، لا يرى ميلها ظاهرا ، وفيء ظلّها في الشمس.
١٩ ـ والملعب الذي كان بالإسكندريّة يجتمعون فيه ، فلا يرى أحد منهم يلقى وجه الآخر إن عمل أحدهم شيئا أو تكلّم أو قرأ كتابا أو لعب لونا من الألوان سمعه الباقون ، ونظر القريب والبعيد فيه سواء ؛ وكانوا يترامون فيه بالأكرة ، فمن دخلت كمّه ولي مصر ... قال صاحب مباهج الفكر : قد بقيت منه بقايا عمد قد تكسّرت ، غير عمود منها يسمّى عمود السّواري ، في غاية الغلظ والطول من حجر الصّوّان الأحمر.
٢٠ ـ والمسلّتان ، وهما شخصان من صوّان ، طول أحدهما ثلاثمائة وثمانون ذراعا ، وهما مسلّتا فرعون للشمس ، منصوبتان ، فإذا حلّت الشمس أوّل درجة من الجدي ـ وهو أقصر يوم في السنة ـ انتهت إلى المسلّة الجنوبيّة ، وطلعت على قمّة رأسها ، ثم إذا حلّت أوّل درجة من السّرطان ـ وهو أطول يوم في السنة ـ انتهت إلى المسلّة الشمالية ، وطلعت على رأسها ؛ وهي منتهى المسلّتين ، وخط الاستواء في الوسط بينهما ؛ ثم تتردّد بينهما ذاهبة وجائية سائر السنة.
فهذه عشرون أعجوبة.
ويقال : إنّه ليس من بلد فيه شيء غريب إلا وفي مصر شبهه أو مثله ، ثمّ تفضل مصر على البلدان بعجائبها التي ليست في بلد سواها.
__________________
(١) هو أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيدي ، كان عبدا لبعض أهل مصر ثم اشتراه محمد بن طنج الإخشيدي وأصبح أتابك ولديه ، ثم استقل بالمملكة سنة ٣٢٦ ه بمصر. توفي سنة ٣٥٦ ه ، ودفن بالقرافة الصغرى. [وفيات الأعيان : ٤ / ٩٩ ـ ١٠٥].
(٢) في معجم البلدان : أبويط قرية قرب بردنيس في شرقي النيل من أعمال الصعيد الأدنى.