لوط وسارة ؛ حتّى أتوا حرّان (١) ، فنزلها ، فأصاب أهل حرّان جوع ، فارتحل بسارة يريد مصر ، فلمّا دخلها ذكر جمالها لملكها ، ووصف له أمرها ، فأمر بها ، فأدخلت عليه ، وسأل إبراهيم : ما هذه المرأة منك؟ فقال : أختي ؛ فهمّ الملك بها ، فأيبس الله يديه (٢) ورجليه ، فقال لإبراهيم (٣) : هذا عملك ، فادع الله لي ؛ فو الله لا أسوؤك فيها. فدعا الله فأطلق يديه ورجليه ، وأعطاهما غنما وبقرا. وقال : ما ينبغي لهذه أن تخدم نفسها ، فوهب لها هاجر.
وأمّا إسماعيل فرأيت عدّة أيضا من الكتب المؤلّفة في مصر ، ولم أقف في شيء من الأحاديث والآثار على ما يشهد لذلك ، وأنا أستبعد صحّته ، فإنّه منذ أقدمه أبوه إلى مكّة وهو رضيع مع أمّه ، لم ينقل أنّه خرج منها ، ولم يدخل أبوه مصر إلّا قبل أن يملك أمّه.
وأمّا يعقوب ويوسف وإخوته فدخولهم مصر منصوص عليه في القرآن.
وكذا موسى وهارون وقد ولدا بها.
وأمّا لوط فيمكن (٤) دخوله مع إبراهيم ؛ ولكن لم أر التّصريح به في حديث ولا أثر.
وأمّا يوشع فهو ابن نون بن إفراييم بن يوسف. ولد بمصر ، وخرج مع موسى إلى البحر لمّا سار ببني إسرائيل. ورد في أثر عن ابن عباس.
وأمّا أرميا فتقدّم دخوله في قصة بخت نصّر.
وأمّا عيسى فتقدّم في قوله تعالى : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ) [المؤمنون : ٥٠] إنّها مصر على قول جماعة ، ورأيت في بعض الكتب أنّ عيسى ولد بمصر بقرية أهناس (٥) ، وبها النخلة التي في قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٥] ، وأنه نشأ بمصر ، ثمّ سار على سفح المقطّم ماشيا ، وهذا كلّه غريب لا صحّة له ، بل الآثار دلّت على أنه ولد ببيت المقدس ، ونشأ به ، ثمّ دخل (٦) مصر.
__________________
(١) في معجم البلدان : حرّان وهي قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرها يوم ، وبين الرقّة يومان.
(٢) في سفر التكوين أصحاح ١٢ : فضرب الربّ فرعون وبيته ضربات عظيمة.
(٣) وكان يسمّى إبراهيم وقتها أبرام. انظر المرجع السابق.
(٤) في سفر التكوين أصحاح ١٣ : فصعد أبرام من مصر هو وامرأته وكل ما كان له ولوط معه.
(٥) في معجم البلدان : أهناس وهي على غربيّ النيل ليست ببعيدة عن الفسطاط.
(٦) في إنجيل متّى أصحاح ٢ : ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا : قم وخذ الصبيّ وأمّه واهرب إلى مصر ... فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر.