أبي عبد الله المقرئ الشريف ، وسمع من أبي الحسن بن هذيل ، وارتحل للحجّ ، فسمع من السّلفيّ ، واستوطن مصر ، واشتهر اسمه ، وبعد صيته ، وقصده الطلبة من النّواحي. وكان إماما علّامة كثير الفنون ، منقطع القرين ، رأسا في القراءات ، حافظا للحديث ، بصيرا بالعربيّة ، واسع العلم ، وقد سارت الركبان بقصيدتيه حرز (١) الأماني والرائية (٢).وخضع لهما فحول الشعراء وحذّاق القرّاء. قرأ عليه أبو الحسن السخاويّ والكمال الضرير ، وآخر من روى عنه الشاطبيّة أبو محمد عبد الله بن عبد الوارث الأنصاريّ المعروف بابن فار اللبن ، وهو آخر أصحابه موتا.
قال ابن الأبّار : انتهت إليه الرياسة في الإقراء. مات بمصر ، في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة.
وقال الذهبيّ : كان موصوفا بالزهد والعبادة والانقطاع ، تصدّر للإقراء بالمدرسة الفاضليّة.
ومن شعره :
قل للأمير نصيحة |
|
لا تركننّ إلى فقيه |
إنّ الفقيه إذا أتى |
|
أبوابكم لا خير فيه |
وترك الشاطبيّ أولادا ، منهم زوجة الكمال الضرير ، ومنهم أبو عبد الله محمد ، بقي إلى سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، وروى عنه وعن البوصيريّ ، وعاش قريبا من ثمانين سنة.
٦٣ ـ شجاع بن محمّد بن سيدهم الإمام أبو الحسن المدلجيّ المصريّ المقرئ المالكيّ. ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ، وقرأ على أبي العباس بن الحطيئة ، وسمع من السّلفيّ ، وتفقّه على أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين الحباب ، وتصدّر للإقراء بجامع مصر ، وانتفع به الناس. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
٦٤ ـ محمد (٣) بن يوسف بن عليّ بن شهاب الدين ، أبو الفضل الغزنويّ المقرئ الفقيه النحويّ. نزيل القاهرة. ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ، وقرأ على أبي محمد سبط الخيّاط ، وسمع من أبي بكر قاضي المارستان ، وتصدّر للإقراء ، فأخذ عنه العلم السخاويّ والجمّال بن الحاجب ، وروى عنه ابن خليل والضياء المقدسيّ والرّشيد
__________________
(١) في شذرات الذهب ٤ / ٣٠٢ : حرز الأماني ووجه التهاني.
(٢) في شذرات الذهب ٤ / ٣٠٢ : الداليّة.
(٣) شذرات الذهب : ٤ / ٣٤٣.