قلائل ، لكن التجار لم يلجأوا إلى هذه الحيلة فى هذا العام ، نظرا لقيام محمد على باشا بتأخير قيام القافلة ، بحكم أنه كان يستعد لتجريد حملته على الوهابيين ، مما جعله يفكر فى استخدام حوالى اثنى عشر ألف جمل من الحج السورى للقيام برحلتين إلى جدة ، ثم رحلة إلى الطائف لنقل المؤن والتموينات. فيما يتعلق بالقافلة المصرية ، التى سبق أن قلت إنها كانت خلوا من الحجاج ، فقد احتجزها محمد على باشا بكاملها ، وأصدر أوامره للخيالة كلهم ، وللإبل التى رافقت القافلة ، بالمشاركة والمساعدة فى الحملة المنتظرة. وأعيد المحمل عن طريق البحر إلى مدينة السويس ، وهذا أمر لم يحدث من قبل ، وبذلك لم تغادر القافلة السورية مكة قبل اليوم التاسع والعشرين من شهر ذى الحجة ، وقد أدى العمل المستمر الذى قامت به إبل القافلة السورية ، إلى إضعاف تلك الإبل تماما ، الأمر الذى أسفر عن نفوق أعداد كبيرة من تلك الإبل على الطريق أثناء رحلة العودة عبر الصحراء. يضاف إلى ذلك أن الإبل غير المحملة التى كانت تغادر مكة (المكرمة) قاصدة جدة على مدار الساعة ، سهلت الرحلة على أولئك الحجاج الذين كانوا يودون العودة إلى بلادهم عن طريق البحر.
بعد أن بلغنى أن الدعم المالى الذى طلبته من القاهرة عند ما وصلت إلى جدة ، وصل بالفعل إلى جدة ، ركبت جملا أثناء الليل قاصدا جدة التى بقيت فيها حوالى ستة أيام أو سبعة ، وشاهدت فى ذات الوقت أولئك الحجاج الذين كانوا يتوافدون على جدة يوميا عائدين من مكة ، وكانوا يخيمون فى سائر أنحاء جدة ، التى أصبحت مزدحمة تماما مثلما كانت مكة من قبل. من بين السفن التى كانت فى الميناء ، تنتظر ركوب الحجاج على ظهورها ، كانت هناك سفينة تجارية وصلت مؤخرا قادمة من بومباى ، وكانت مملوكة لأحد البيوت الفارسية فى منطقة الرياسة ، وكان يقودها قبطان إنجليزى الذى قصد جدة على العكس من الرياح التجارية فى تلك الفترة المتأخرة من ذلك الموسم. أمضيت ساعات لطيفة بصحبة القبطان بوج ، على ظهر سفينته ، وندمت لأن مشاغلى حتمت علىّ الافتراق عن هذا القبطان. كان أوروبيان آخران قد وصلا إلى جدة فى ذلك التاريخ أيضا ، عن طريق القاهرة ؛ أولهما رجل إنجليزى كان متجها