(المنورة) ، وليس فى منتصفها ، وهذا على حد تعبير المؤرخين والجغرافيين العرب. وأبعاد المسجد النبوى أصغر من أبعاد المسجد المكى ؛ إذ يصل طول المسجد إلى مائة وخمس وستين خطوة ، وعرضه حوالى مائة وثلاثين خطوة ، ولكنه مبنى طبقا للمخطط نفسه ، إذ هناك صحن كبير وواسع ، يحيط به من كل الجوانب أبهاء من الأعمدة المسقوفة ، مع وجود مبنى صغير فى منتصف الصحن. (*) أبهاء الأعمدة فى المسجد النبوى أقل انتظاما عن مثيلاتها فى الحرم المكى ؛ إذ نجد أن صفوف الأعمدة تتساوى المسافات حولها من جميع الجوانب. فى الناحية الجنوبية من المسجد النبوى ، نجد أن بهو الأعمدة مكون من عشرة صفوف متتالية ، وفى الجانب الغربى من المسجد يوجد أربعة صفوف من أبهاء الأعمدة ، وفى الناحية الشمالية ، وجزء من الجانب الشرقى يوجد ثلاثة صفوف فقط من أبهاء الأعمدة. والأعمدة نفسها مختلفة الأحجام. فى الجانب الأيمن ، الذى يشتمل على قبر النبى صلىاللهعليهوسلم ، والذى يشكل أقدس أجزاء المسجد ، نجد أن الأبعاد بين الأعمدة أكبر منها فى أية منطقة أخرى من مناطق المسجد ، قطر العمود يصل إلى حوالى قدمين ونصف القدم. والأعمدة ليست لها مثلثات فى الأجزاء العليا منها ، ومحامل العمود تلامس الأرض. هذا التباين والذوق الفظ يتبدى أيضا هنا كما هو فى المسجد المكى ، هذا يعنى أنه ليس هناك تشابه أو تماثل. والأعمدة فى الحرم النبوى من الحجر ، لكنها جميعها مغطاة بالجبس الأبيض ، ومن الصعوبة بمكان تحديد نوعية ذلك الجبس. وعلى ارتفاع ستة أقدام من الأرض ، نجد الأعمدة مرسوم عليها زهور ، ومزينة بالأرابيسك ، بطريقة فجة ، ويبدو أن الهدف من ذلك كان تعويض افتقار تلك الأعمدة إلى المثلثات العلوية. ومجموعة الأعمدة القريبة من بهو
__________________
(*) الأبعاد الواردة عند كل من نيبور هو وديهوسون ليست أبعادا صحيحة ، وقد يكونا قد أخذاها عن رسوم عربية قديمة. كنت قد عقدت العزم على تصحيح هذه الأرقام ، لكن مرضى هو الذى حال بينى وبين ذلك ؛ وأنا لست مضطرا إلى إضافة بعد قد يكون من قبيل الذكريات. هناك من يحدد هذه الأبعاد تحديدا مختلفا تماما ، ويقول إنها تقدر بحوالى مائتين وأربعين رمحا من حيث الطول ، وحوالى مائة وستين رمحا من حيث العرض من الجانب الجنوبى ، ومائة وثلاثين رمحا من الجانب الأيسر. ويضيف أن المسجد يحتوى على حوالى مائتين وستة وتسعين عمودا. وأنا لست متأكدا ما إذا كان المسجد قد تغير تغييرا جوهريا منذ ذلك الوقت ، وبعد الحريق الذى نشب فيه فى عام ٨٨٦ ه ، لكنى لا أظن أن المسجد قد تغير تغييرا كبيرا ، وأرى أن رواية هذا الرجل فيها قدر كبير من المبالغة.