والذين تبعد مساكنهم مسافة كبيرة عن الحرم النبوى ، فإن هذا المسجد تقام فيه صلاة الجمعة ، والمسجد الثانى هو مسجد عمر رضياللهعنه وهو ملحق به مدرسة ، ويستعمل حاليا مخزنا أو مستودعا ، وثكنات لبعض الجنود. ومؤرخ مكة (المكرمة) يطلق على كل مسجد من هذين المسجدين اسم مسجد الفتح ، وهو يسمى المسجد الأول باسم المسجد الأعلى ، نظرا لوقوعه على أعلى جزء من أجزاء المدينة المنورة. هناك أيضا مسجدان آخران : أحدهما يدعى مسجد على بكر ، والثانى مسجد ذباب ، كان فى هذه المنطقة فى القرن السادس عشر ؛ وكان المناخ فى ذلك الوقت يطلق عليه اسم جبل سوله ، وأهل الجزيرة العربية يطلقون الاسم «جبل» على أية بقعة تكون مرتفعة عن سطح الأرض. فى زمن ذلك المؤلف نفسه كان هناك حوالى خمسة عشر مسجدا فى هذه المدينة والمنطقة المجاورة لها ، وهى كلها الآن عبارة عن أنقاض ؛ كما يورد المؤلف أيضا أسماء وتواريخ سبعة وثلاثين مسجدا آخر أنشئت فى أزمان إسلامية سابقة.
قيل لى إن المنزل الذى عاش فيه محمد صلىاللهعليهوسلم فى العميرية لا يزال موجودا إلى يومنا هذا ، لكن كثيرين يشككون فى هذا الموروث ، إضافة إلى أن المنطقة لا يزورها أحد من الناس باعتبارها واحدة من بين الأماكن المقدسة. هنا ، فى هذه المنطقة ، لا توجد مبان قديمة ، كما هو الحال فى مكة. معلوم أن أمطار الشتاء ، وكذلك الجو المالح الرطب ، الذى يسود هذه المنطقة فى فصل الأمطار ، كفيل بتدمير المبانى ، يضاف إلى ذلك أن الأسمنت المستخدم فى إنشاء هذه المبانى من نوعية متدنية ، الأمر الذى يؤدى إلى تفكك الأحجار ، وتحلل الجدران بعد ذلك.
المدينة مزودة بالماء العذب عن طريق قناة تحت السطح ، تجلب الماء من قرية قباء ، التى تبعد عن المدينة مسافة مسير ثلاثة أرباع الساعة ، فى اتجاه الجنوب ، وذلك على نفقة السلطان سليمان ، ولد السلطان سليم الأول. الماء متوفر فى أجزاء عدة من المدينة ، وهناك بعض السلالم المؤدية إلى القناة ، والتى يستخدمها السكان فى التزود بالماء ، لكنهم هنا ، وعلى العكس من سكان مكة ، لا يدفعون ثمنا لذلك الماء. على حدود المناخ ، يوجد مستودع كبير ، مبطن بالأحجار ، ومملوء دوما بالماء. وماء القناة يوجد على عمق يتردد بين عشرين قدما وخمسة وعشرين قدما تحت سطح الأرض ،