نجد سلسلة من التلال المنخفضة ترتفع ناحية الشرق ، ويمتد عبرها الطريق المؤدى إلى نجد. هناك تلال أخرى مماثلة ، فى هذه المسافة نفسها ، موجودة فى الاتجاه الجنوبى الشرقى. والأرض على الناحية الجنوبية مستوية على مدد الشوف. وبعد مسير ساعة فى اتجاه الجنوب الغربى نجد أن المنازل مكونة بصفة عامة من طابقين ، ولها أسطح مستوية. ونظرا لعدم طلاء المنازل باللون الأبيض ، ونظرا أيضا لأن الأحجار المستعملة فى البناء من لون غامق ، فإن الشوارع تصطبغ بصبغة الحزن والوجوم ، والشوارع فى معظمها ضيقة جدا ، وعرضها لا يزيد بأى حال من الأحوال عن ثلاث خطوات أو أربع خطوات ، وقلة قليلة من الشوارع الرئيسية هى الممهدة باستعمال كتل حجرية كبيرة ، وهذا شىء يندر أن ينتظره أحد من الرحالة فى الجزيرة العربية. على العموم ، تعد المدينة المنورة واحدة من أجمل المدن التى شاهدتها فى الشرق ، هذا يعنى أن المدينة المنورة تجىء فى المرتبة الثانية بعد حلب. مظهر المدينة المنورة فى الوقت الحالى يوحى بأنها مهجورة أو مقفرة ، هذا يعنى أن بيوت المدينة المنورة أو شكت أو كادت تتحلل ؛ أصحاب هذه المنازل والبنايات الذين جنوا أرباحا كبيرة من جموع الزوار الذين وصلوا إلى المدينة المنورة فى الأزمان السابقة على امتداد أيام العام الواحد ، هؤلاء الملاك يجدون الآن أن دخلهم قد نقص ، ويرفضون إصلاح أو ترميمات بناياتهم ، نظرا لأنهم يدركون أن نفقات إصلاح هذه المبانى وترميمها وتحسين حالها لا يمكن بأى حال من الأحوال تعويضه عن طريق القيمة الإيجارية لهذه المبانى. هذا يعنى أن زائر المدينة المنورة يشاهد هنا وهناك منازل وأسوارا بحاجة إلى الترميم والإصلاح ، وبالتالى يصبح مظهر المدينة المنورة غير مشجع شأنها فى ذلك شأن السواد الأعظم من مدن الشرق التى لا توحى فى الوقت الحالى إلا بصور خافتة عن ماضيها العظيم.
الشارع الرئيسى فى المدينة المنورة هو أوسع شوارعها ، وهو يصل بين بوابة القاهرة والحرم المدنى ، والسواد الأعظم من دكاكين المدينة المنورة فى هذا الشارع. هناك شارع مهم أيضا يسمونه البلات ، وهو يمتد من المسجد النبوى إلى البوابة السورية ، لكن عددا كبيرا من منازل هذا الشارع خربة أو مدمرة : هذا الشارع فيه