يعفور الثقفي عن عبد الملك بن عمير قال : حدثني زياد بن النضر الحارثي قال : كنت صديقا ليزيد بن معاوية قبل أن تفضي الخلافة اليه فلما أفضت اليه أتيته فأكرمني وأنزلني في الدار معه ، فلما كان ذات يوم استحم ثم جاء يخطر في مشيته عليه سبنية (١) مضلعة كان جلده يقطر دما ، فما رأيت منظرا أحسن منه ، فألقي له كرسي فجلس عليه ، ثم قال : يا أبا عمر قم فاستحم ، ففكرت في نفسي وفي غضون (٢) جلدي فقلت ، لا يراها مني أبدا ، فقلت : يا أمير المؤمنين اذا أفضت عليّ الماء أخذتني قشعريرة ، قال : فقال : لا عليك ، يا جارية اسقيني ، قال : فأتته جارية حسناء في يدها إناء فيه شراب ، ما رأيت شرابا أحسن منه (٥٤ ـ ظ) قال : فشرب حتى أتى عليه ، فقال : يا جارية اسقي أبا عمر ، قال : فقلت في نفسي إنّا لله وإنّا إليه راجعون الخمر ورب الكعبة ، قال : فقلت في نفسي أشربه وأتوب ، قال : فجاءتني بالقدح ، فشربت فو الله ما سلسلت شرابا قط مثله ، قال : فلما فرغت قال : أبا عمر ، قلت : لبيك يا أمير المؤمنين قال : أتدري ما هذا الشراب؟ قال : قلت : لا والله يا أمير المؤمنين إلّا أني لم اسلسل شرابا مثله ، قال : هذا رمان حلوان بعسل أصبهان ، بزبيب الطائف ، بسكر الأهواز بماء بردى.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن قال : أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال : أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال : أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال : حدثنا أبو العباس الأصم قال : حدثنا عباس بن محمد قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أبو الأوبر اسمه زياد الحارثي.
وقال : أخبرنا الحافظ قال : أخبرنا أبو بكر الشقاني قال : أخبرنا أبو بكر أحمد ابن منصور قال : أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجاج يقول : أبو الأوبر زياد الحارثي ، عن أبي هريرة ، روى عنه عبد الملك بن عمير (٣).
__________________
(١) السبنية : أزر سود للنساء وقيل : ثياب من كتان أبيض ، وقيل هي من حرير فيها أمثال الأترج. القاموس.
(٢) الغضن : كل تثن في ثوب أو جلد أو درع. القاموس.
(٣) الكنى والاسماء للامام مسلم : ٨٦. تاريخ دمشق لابن عساكر : ٦ / ٢٦٥. وـ ٢٦٦. ظ.