ابن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي سيرّه الى الرشيد بن الزبير في ذكر جماعة من الشعراء سأله عنهم ، ليودعه كتابه الذي وسمه بجنان (١٩٠ ـ ظ) الجنان ورياض الأذهان ، قال أسامة : ومن شعراء الشام الشيخ أبو المعافى سالم بن عبد الجبار بن المهذب من أهل المعرة موسوم بالعدالة والأمانة ، مشهور الفضل والديانة ، وله شعر جيد ، لا يفد به ولا يسترفد ، وكان بينه وبين جدي سديد الملك رحمه الله مودة ، وكان أكثر زمانه عنده رغبة في مؤانسته وعشرته ، فإذا اشتاق أهله مضى الى المعرة أقام بها بقدر ما يقضي مأربه ثم يعود والمعرة اذ ذاك لشرف الدولة مسلم بن قريش ، وكان نازل جدي رحمه الله وهو بشيزر وحاصره مدة ، ونصب عليه عدة مجانيق ، وقاتل حصنا له يسمى الجسر ، ورحل عنه ولم يبلغ غرضا فعمل فيه الشيخ أبو المعافى بن المهذب.
أمسلم لا سلّمت من حادث الردى |
|
وزرت وزيرا ماشددت به أزرا |
ربحت ولم تخسر بحرب ابن منقذ |
|
من الله والناس المذمة والوزرا |
فمت كمدا بالجسر لست بجاسر |
|
عليه وعاين شيزرا أبدا شزرا |
فلما بلغت الأبيات الى شرف الدولة قال : من يقول هذا القول فينا؟ قالوا : رجل يعرف بابن المهذب من أهل المعرة قال : ما لنا ولهذا الرجل اكتبوا إلى الوالي بالمعرة يكف عنه ويحسن إليه فربما يكون قد جار عليه فأحوجه أن قال ما قال ، وهذا من حلم شرف الدولة المشهور (١).
هكذا ذكر أسامة الأبيات ، وقرأت في بعض تعاليقي من الفوائد (١٩١ ـ و) : لما عزم أبو العز بن صدقة وزير مسلم بن قريش على حصار شيزر وأخذها من سديد الملك بن منقذ قال : فيه سالم بن عبد الجبار بن المهذب.
أمسلم لا سلمت من حادث الردى |
|
تخذت وزيرا ما شددت به أزرا |
كسبت ولم تربح بحرب ابن منقذ |
|
من الله والناس المذمة والوزرا |
فمت كمدا بالجسر لست بجاسر |
|
عليه وعاين شيزرا أبدا شزرا |
__________________
(١) لمزيد بن التفاصيل حول حصار مسلم بن قريش لشيزر انظر كتابي أمارة حلب : ١٦٥ ـ ١٦٦.