روى لنا عن أبيه شيئا من شعره ، وعن قاضي حمص أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين ، وعبد الله بن أسعد الموصلي ، نزيل حمص ، وأنشدنا من شعره (١٦٢ ـ ظ) عدة مقاطيع وقصائد ، وكان وعدني أن يحمل مسودات شعره إلي جميعها خوفا أن يموت وتصير في أيدي الناس فيدعيها غيره ، ومات ولم يحمل شيئا ، وسألته عن مولده فقال : يكون لي إلى اليوم أربعة وخمسون أو خمسة وخمسون سنة وكان سؤالي إياه في شهر ربيع الآخر من سنة أربع عشرة وستمائة ، فيكون مولده تقديرا بحمص في سنة ستين أو سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
أنشدني سالم بن سعادة الحمصي لنفسه بحلب :
هل الطرف من فيض الدموع جريح |
|
أم النوم ما بين الجفون ذبيح |
وهل نار ليلى أم تألق بارق |
|
دجى الليل يخبو نارة ويلوح |
فتاة بها علّقت في كبدي أسى |
|
تسربلت منه السقم وهو صحيح |
وبان فؤادي يوم بان فريقها |
|
ودمعي على سفح الكثيب سفوح |
فأنشدت قلبي والدموع لدى النوى |
|
أفي كل يوم غربة ونزوح |
وما أنا صاح من سلاف صبابة |
|
بها لي غبوق دائم وصبوح |
وكم هب ينشئ مزنة من مدامعي |
|
غرام له بين الجوانح لوح |
على دارسات طال في عرصاتها |
|
بكاء جفوني والحمام تنوح |
وقفت بها إذ مالعافي رسومها |
|
كجسمي من البين المشتّ وضوح |
ومن جفن عيني لا تغب سحابة |
|
ومن زفراتي ليس تركد ريح |
(١٦٣ ـ و)
ولله برق فيه برؤ حشاشتي |
|
وريح لقلبي من جواه تريح |
فهل لصبا نجد على ذي صبابة |
|
هبوب وهل برق الحجاز لموح |
ويا حبذا الروض الذي نفحاته |
|
بسرّ شذاه المندلي تبوح |
وقد دّبجته للغيوث أنامل |
|
فهل هو في الغازي الغياث مديح |
وأنشدني سالم بن سعادة أيضا لنفسه :