بالموصل يريد العبور وزنكي بين يديه ، قال لأبي الرضا بن صدقة : أريد أقتل زنكي ، فقال أبو الرضا لابن عمه قوام الدين : قل لزنكي يسرع خطوه بحيث يبعد عن الراشد ، ففعل ، وعرف زنكي ذلك لأبي الرضا ، فاستوزره ، ومضى الراشد الى أصفهان وصحبته أبو الفتوح الإسفرائيني وأقام عليها الى أن قتل.
وقال : في خامس عشر جمادى الآخرة ـ يعني ـ سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، فتح زنكي الرّها ، كان نازلا على آمد فكتب إليه رئيس حران يخبره أن صاحب الرها (١) قد توجه الى الشام ، فأغذ زنكي السير حتى نزل على الرّها ، وحال بينها وبين صاحبها ، وحاصرها أشد الحصار ، وفتحها بالسيف فغنم المسلمون منها.
قرأت في تاريخ أبي المحاسن (٢١٠ ـ و) بن سلامة بن الحرّاني لحران ، دفعه إليّ الخطيب سيف الدين أبو محمد عبد الغني بن شيخنا فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الخضر بن تيمية ، وذكر لي أنه نقله من خط شيخه المؤلف أبي المحاسن ، قال : وفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة نزل ـ يعني ـ أتابك زنكي على الرها وفيها الافرنج ، فحصرها وأخذها بالسيف يوم السبت السادس عشر من جمادى الآخرة ، وكانت أيام الشتاء والبرد قال الشاعر :
إذا كانت جمادى في جمادى |
|
فذاك القر والبرد الشديد |
ولما فتحها أوصى بأهلها خيرا ، ولم يسب أهلها ، ونوى عمارتها ووجدوا على عضادة المحراب مكتوبا :
أصبحت صفرا من بني الأصفر |
|
أختال بالأعلام والمنبر |
دان من المعروف حال به |
|
ناء عن الفحشاء والمنكر |
مطهر الرحب على أننى |
|
لولا جمال الدين لم أطهر |
فبلغ ذلك رئيس حران جمال الدين فضل الله أبا المعالي فقال : امحوا جمال الدين واكتبوا عماد الدين ، فبلغ ذلك أتابك عماد الدين فقال : صدق الشاعر لولاك
__________________
(١) كانت الرها أول امارة تأسست للصليبيين بالمشرق ، وأدى تحريرها الى اثارة الحملة الصليبية.