وَالْإِبْكارِ)(١)» ولو رخص لأحد في ترك الذكر ، لرّخص للذين يقاتلون في سبيل الله ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً)(٢).
أخبرنا أبو القاسم بن محمد القاضي إذنا عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال : أخبرنا أبو الحسن بن زرقوية قال : أخبرنا أحمد بن سندي الحداد قال : حدثنا الحسن بن علي القطان قال : حدثنا اسماعيل بن عيسى قال : حدثنا اسحاق بن بشر قال : أخبرنا مقاتل وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) قال : ذكره الله منه برحمة عبده زكريا حيث دعاه فذلك قوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمعه أحد وتسمع أذنيه فقال : (رب إني وهن) أي ضعف (الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) يعني غلب البياض السواد (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) أي رب إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي ، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى ، فكذلك لا أشقى بدعائي فيما بقي ، عودتني الاجابة من نفسك (وإني خفت الموالي عن ورائي) فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) يعني من عندك ولدا يرثني ، يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي ، «ويرث (١٨٤ ـ ظ) من آل يعقوب» النبوة (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) يعني مرضيا عندك ، قوله : (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) قال ابن عباس : خاف أنها لا تلد فقال : وامرأتي عاقر وأنت تفعل ما تشاء ، فهب لي ولدا ، فإذا وهبته فاجعله رضيا زاكيا بالعمل ، فاستجاب الله له ، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته فبينا هو قائم يصلي في المحراب ، حيث يذبح القربان ، إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل ، فقال : يا زكريا إن الله يبشرك وهو قوله (نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) واسم يحيى هو اسم من اسماء الله ، اشتق من ياحي ، سماه الله فوق عرشه (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)(٣)) قال ابن عباس : لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولدا نظيرها.
هل تعلم له سميا ، يعني هل تعلم له ولدا ، ولم يكن لزكريا قبله ولد ، ولم يكن قبل
__________________
(١) سورة أل عمران الآية ٤١.
(٢) سورة الانفعال الآية : ٤٥.
(٣) سورة مريم ـ الآيات : ٢ ـ ٨.