قالا : نعم قال : مرحبا بكما ما معكما؟ قالا : كتاب مولاك سالم بن عبد الرحمن فقرأ الكتاب وانصرفا ، وسأل عن عياض بن مسلم كاتبه الذي كان هشام ضربه وحبسه (١٦٩ ـ و) فقالا : يا أمير المؤمنين لم يزل محبوسا حتى نزل بهشام أمر الله عز وجل ، فلما صار إلى حال لا ترجى الحياة لمثله معها أرسل عياض إلى الخزان : احتفظوا بما في أيديكم ، ولا يصلن أحد إلى شيء ، وأفاق هشام إفاقة ، فطلب شيئا فمنعه فقال : أرانا كنّا خزّانا للوليد ، وقضى من ساعته ، فخرج عياض من السجن ساعة قضى هشام ، فختم الأبواب والخزائن ، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه ، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن ، فكفنه غالب مولى هشام بن اسماعيل ، ولم يجدوا قمقما حتى استعاروه ، وأمر الوليد بأخذ ابنى هشام بن اسماعيل فأخذا بعد أن عاذ إبراهيم بن هشام بقبر يزيد بن عبد الملك ، فقال الوليد : ما أراه إلّا قد نجا ، فقال يحيى بن عروة بن الزبير وأخوه عبد الله : إن الله لم يجعل قبر أبيك معاذا للظالمين ، فخذه بردّ ما في يده من مال الله ، فقال : صدقت وأخذهما ، فبعث بهما إلى يوسف بن عمر ، وكتب إليه أن يبسط عليهما العذاب حتى يتلفا ، ففعل ذلك بهما ، وماتا جميعا في العذاب بعد أن أقيم إبراهيم بن هشام للناس حتى اقتصوا منه المظالم.
وقال عمر بن شبّه في خبره : إنه لما نعي له هشام قال : والله لأتلقين هذه النعمة بسكره قبل الظهر ثم انشأ يقول : (١٤٨ ـ ظ).
طاب نومي ولذّ شرب السلافة |
|
إذ أتانا نعي من بالرصافة |
وأتانا البريد ينعي هشاما |
|
وأتانا بخاتم للخلافة |
فأصبحنا من خمر عانة صرفا |
|
ولهونا بقينة عزّافة |
قال : ثم حلف أن لا يبرح موضعه حتى يغنى في هذا الشعر ويشرب عليه ، فغني له ، وشرب حتى سكر ، ثم دخل فبويع له.
***