تغيب فلا أفرح فليتك لا تبرح |
|
وإن جئت عذبتني بأنك لا تسمح |
فأصبحت ما بين ذين لي كبد تجرح |
|
على ذاك يا سيدي دنوك لي أصلح |
ثم قال : غنوا فيه ، فغنوا فيه فجعلوا يفكرون ، فقال المعتز لابن الفضل الطنبوري : ويلك ألحان الطنبور أملح وأخف فغن لنا ، فغنى فيه لحنا فقال : دنانير الخريطة (١) ، وهي مائة دينار فيها مائتان ، مكتوب على كل دينار ضرب هذا الدينار بالحسني لخريطة أمير المؤمنين ، ثم دعي بالخلع والجوائز لسائر الناس ، فكان ذلك المجلس من أحسن المجالس (٢).
قلت : وهذا يونس بن بغا الكبير ، لا يونس الصغير المعروف بالشرابي (٣).
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق الهمذاني بالقاهرة قال : أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج قال : أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال : أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن اسحاق الحربي قال : أخبرنا أبو بكر الصولي ، محمد بن يحيى قال : حدثنا أحمد (١٦٠ ـ و) بن محمد بن اسحاق قال : حدثنا الفضل بن العباس بن المأمون قال : كنت مع المعتز في الصيد فانقطعنا عن الموكب هو وأنا ويونس بن بغا ، ونظرنا الى دير فيه ديراني يعرفني وأعرفه ظريف مليح ، فشكا المعتز العطش ، فقلت : هاهنا ديراني ظريف مليح فقال : مر بنا ، فجئنا ، فخرج إلينا وأخرج لنا ماء باردا ، وسألني عن المعتز ويونس فقلت فتيان من أبناء الجند فقال لي : تأكلون شيئا؟ قلنا : نعم فأخرج لنا أطلف (٤) شيء في الدنيا فأكلنا أطيب أكل وجاءنا بأطيب اشنان وأحسن آلة ، فاستظرفه المعتز ، وقال لي : قل له بينك وبينه : من تحب أن يكون معك من هذين لا يفارقك ، فقلت له : فقال : كلاهما وتمرا ، فضحك المعتز حتى مال على الحائط ، فقلت للديراني : لا بد من أن تختار فقال : الاختيار والله
__________________
(١) الخريطة : وعاء من أدم وغيره ـ القاموس.
(٢) ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح ، والحسني دار الخلافة في بغداد.
(٣) بغا الشرابي هو الذي وردت الاشارة الى قتله قبل قليل.
(٤) كذا بالاصل صوابه «ألطف».