كتب لي رفيقنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري بخطه وسيره إليّ ـ ويغلب على ظني أنني سمعته من لفظه ـ قال : سمعت أبا الحسن غلام الشيخ روزبهان الزاهد يقول : دخلنا حلب عند عودنا من الموصل ونزلنا بمشهد على ظاهر حلب ورأينا من أهلها إكراما عظيما ، وانتقلنا منها الى دمشق ثم إلى مصر وتوفي الشيخ بها.
قرأت بخط أبي البركات المبارك بن أحمد بن المستوفي في تاريخ ـ وأجاز لنا الرواية عنه في كتابه الينا من إربل ـ قال : روزبهان الديلمي ـ ورأيته في موضع روزبهار بالراء ـ وهو صاحب أبي زيد الصوفي ، سمعت الفقير الى الله أبا سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين سامحه الله يقول : ورد إربل من نحو خمسين سنة أو أكثر ، ونزل بمشهد الكف فزاره مجاهد الدين (١٣٠ ـ ظ) قايماز وكان روزبهان يريد السفر الى مصر فقال : لو أقمت بهذا المشهد ، مشهد الكف فهو مشهد حسن ، فقال : أنا أريد مشهد القلب لا مشهد الكفّ.
قال أبو البركات : وحدّث بعض الاربليين أن روزبهان كان بالموصل في يده سسيخة خضراء وشعره منشور كالديلم ، وفي يده طبرزين (١) يصيح دائما بصوت عال ثبج (٢) تخشع له القلوب إلّا في الأسواق ، لا يأكل إلا من الدروزة (٣) ، هو وأصحابه ، ومعه القوّالون والشبابات ، وفي أصحابه حاجب ، ومدروز ، وخادم فإذا أراد المدروز الخروج سأل الحاجب أن يستأذن له ، فكان الحاجب يقف بين يده أكثر النهار أو أكثر الليل قياما واحدا.
قال ابن المستوفي : وحدثني أبو المعالي صاعد الواعظ قال : كان روزبهان يصفق ويدخل في السماع من غير دف ولا شبابة ، ويرقص هو وأصحابه.
زرت قبر روزبهان بن أبي بكر بن محمد أبي القاسم الفارسي بالقرافة بسفح
__________________
(١) الطبرزين من أنواع الفؤوس ، ولعل السيخة من أنواع ما عرف فيما بعد باسم «الشيش».
(٢) مضطرب. القاموس.
(٣) المساعدات وو أردات الأوقاف.