ظهر رجل على فرس اشهب وعليه ثياب بيض وخلفه رجلان على زيه ، فقصده الخضر عليه السلام وسلم عليه وعليهما ، واستقى من احدى الآبار وشرب وشربوا ، فلما ولى الرجل واللذان معه قال : تعلم من هذا؟ هذا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبان له ، فلما أصبحت قمت وقلت : ليس بعد هذا شك ، وقصدت صاحب البلد وذكرت له القصة ، فركب في عسكره وجاء فدللته على البئر الاولى فضحك أمير من أمراء الدولة ، فصاح عليه وزبره وأمر بحفر الموضعين فلم يحفروا كثيرا حتى ظهر حجر عظيم فنحوه وإذا البئر كما قيل لي فكبروا واستقوا وشربوا منها وبنوا هذا المشهد ، وقد تبت أنا وقعدت في هذا الموضع ولعل الله يغفر لي ذنوبي ، وكان هناك نفر فشهدوا له بأن الامر كما ذكر ، وأن الموضع به ظهر وقالوا : تعجب من ذلك أهل دمشق كلهم والاجناد. (٢٣٩ ـ ظ).
خمار بن أحمد بن طولون :
أبو الجيش ، الأمير المعروف بخمارويه بن الأمير أبي العباس ، ولي امرة حلب والثغور ، وقنسرين والعواصم ودمشق ومصر بعد أبيه أحمد في سنة سبعين ومائتين ، ونزل بعساكره حتى هزم الخزري واتبعه الى بالس ، فهرب الخزري الى بريه سنجار ، فعاد خمارويه الى حلب ، وكاتب الموفق بأن يولى على سائر أعمال جند قنسرين والعواصم وديار مضر ، والثغور الشامية والجزرية وعمل الفرات ، وديار ربيعة والموصل وأرمينية ، وقاليقلا ، فإنها كلها كانت قد صارت في يده ، ويدعى له على منابرها ، فلم يجبه الى ذلك ، وتجدد بينه وبين الأفشين محمد بن ديوداد مواحشة آلت الى أن استوحش من الموفق أبي أحمد ، فسير الموفق ابنه أبا العباس الملقب بالمعتضد بعد ذلك في أيام أخيه المعتمد على الله في سنة احدى وسبعين ومائتين ، ورجع خمارويه ، ووصل أبو العباس بن الموفق الى الرملة ، فلقي خمارويه بن أحمد ابن طولون وجرت بينه وبينه وقعة الطواحين من أرض الرملة ، فهزم أبو العباس خمارويه في شوال سنة اثنتين وسبعين ومائتين ، واحتوى على عسكره ، ونزل في مضربه ، واشتغل أصحاب أبي العباس بالنهب ، فكرّ عليهم عسكر خمارويه ، فانهزموا ونهب جميع ما في العسكرين ، وانحاز أبو العباس الى صور بعد أن قتل من أصحابه وفقد خلق ، ثم مضى الى طرسوس ، ثم الى بغداد.