قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرشد الذي ذيل به تاريخ ابن المهذب قال : في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ، وفيها طلع قوم من أهل أفامية الى الأفضل يسألونه أن يولي عليهم سيف الدولة خلف بن ملاعب فنهاهم ، وقال : لا تفعلوا وحذرهم من فسقه ، فقالوا : نحن نجعل عيالاتنا لنا ليلة وله ليلة ، فسيره معهم ، ووصل أفامية ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من ذي القعدة.
قلت : هؤلاء أهل تلك الجبال أكثرهم دهرية درزية يستبيحون ذوات الأرحام ولا يعتقدون تحريم الحرام (١).
قرأت بخط عمر بن محمد العليمي المعروف بابن حوائج كش الحافظ ، وأخبرنا به ، إجازة عنه ، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة ، وذكر العليمي أنه نقله من خط ابن زريق يعني أبا الحسن يحيى بن علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق ، وكان عالما بالتاريخ ، قال : وقدم الى أفامية يعني خلف بن ملاعب من مصر سنة تسع وثمانين وأربعمائة لأن أهل أفامية مضوا الى مصر (٢٢٣ ـ و) يلتمسون واليا يكون عليهم ، ووقع اقتراحهم عليه ، فوصل في يوم الأربعاء الثامن من ذي القعدة ، ودخلها وملكها.
قال : ثم قتل في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين ، قتله جماعة وصلوا من حلب من أصحاب أبي طاهر الصائغ القائم بمذهب الباطنية بعد موت المنجم المعروف بالحكيم بحلب ، وكانوا من أهل سرمين ، وقاموا فيها بموافقة رجل داع كان بأفامية يقال له ابن القنج ، أصله من سرمين وأقام بأفامية يحكم بين أهلها وقرر ذلك مع أهلها ، وأحضر هؤلاء ونقب أهلها نقبا في سورها حتى قارب الوصول ، فلما وصل هؤلاء لقيهم ابن ملاعب فأهدوا إليه فرسا وبغلة كانوا أخذوها من أفرنج لقوهم في الطريق ، فأعلموه أنهم جاؤوا بنية الغزو الى بلاد الروم وباتوا بظاهر الحصن الى الليل ، ودخلوه من ذلك النقب ، ورتبوا بعضهم على دور أولاده لئلا يخرجوا ينجدونه ، وصعدوا إليه ، فخرج إليهم فطعن في بطنه ، فرمى
__________________
(١) في هذا دليل على الجهل والتعصب الشديد.