فدع ، (١) ، فبينا نحن كذلك إذ وردنا على موز لعبد الملك بن مروان كأنه خشب اليرابيع (٢) ، قد أحلولك أفناؤه وجاد به أصحابه ، فنزلنا فكنا بين آكل وناسع وطاه ولاه ، ومستو ، فيالك من منزل كريم ما به ، جاد به أربابه ، فأجابه هشام بجواب حسن ، وقال له : امض فالمم بأهلك وعجل الرجعة إلينا لتنال من دنيانا وننال من طيبك ، فحسده رجل من القوم فقال : ممن الرجل؟ فقال : من أهل العراق ، قال : من أي أهل العراق؟ قال : من البصرة ، فأمسك عما سوى ذلك وانقطع : فقال له خالد : قد سألت فأجبناك فممن الرجل؟ قال : من أهل الحجاز ، فقال : بخ بخ بلد العرب ومنشؤ أهل الادب ، فمن أي أهل الحجاز قال : مكة ، قال : بخ بخ حرم الله وأمنه ، ومهاجر ابراهيم واسماعيل ، فمن أي أهل مكة؟ قال : من بني عبد الدار قال : لم تصنع شيئا يا أخا بني عبد الدار : هشمتك هاشم ، وأمتك أمية ، ولوت عليك لؤي ، وغلبتك غالب ، ونفتك مناف ، وزهرت عليك زهرة ، فأنت عبدها وابن عبيدها ، تغلق وراءها إذا خرجت ، وتفتح دونها اذا دخلت (٣) ، قم فاسمك العبقري نبات الروابي ، فكان ذلك سببا لهرب العبدي من الشام.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال : أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد ابن بوش قال : أخبرنا أبو العز بن كادش قال : أخبرنا أبو علي الجازري قال : أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (٢٢ ـ و) الجريري قال : حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال : حدثني أبو جعفر محمد بن ابراهيم ابن يعقوب بن داود قال : حدثنا الهيثم بن عدي قال : كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال ، فحضره ذات ليلة في سفره ابراهيم بن مخرمة الكندي ، وناس من بني الحارث بن كعب وهم أخواله ، وخالد بن صفوان بن ابراهيم التميمي ، فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضرو اليمن ، فقال ابراهيم : يا أمير المؤمنين ان اليمن هم
__________________
(١) الفدع : اعوجاج الرسغ من اليد أو الرجل حتى ينقلب الكف أو القدم الى انسيها أو هو المشي على ظهر القدم ، أو ارتفاع أخمص القدم حتى لو وطئ الافدع عصفورا ما آذاه ، أو هو عوج في المفاصل. القاموس.
(٢) اليربوع دابة ، ولحمة المتن ، ويرابيع المتن : لحماته. القاموس.
(٣) كانت مفاتيح الكعبة بيد آل عبد الدار.