والثيم (١) ، ويجيء هذا بالظبي والظليم ، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا وخزا وديباجا وخريدة (٢٠ ـ ظ) مغناجا وبرذونا هملاجا (٢) ، ونحن أكثر الناس قندا (٣) ونقدا ، ونحن أوسع الناس برية وأريفهم بحرية ، وأكثرهم ذرية ، وأبعدهم سرية ، بيوتنا ذهب ونهرنا عجب ، أوله رطب وآخره عنب ، وأوسطه قصب ، فأما نهرنا العجب فإن الماء يقل وله عباب ونحن نيام على فرشنا حتى يدخل أرضنا ، فيقتل نتنها ، ويعلو متنها فنبلغ منه حاجتنا ونحن نيام على فرشنا ، لا ننافس فيه من قله ، ولا نمنع لذله ، يأتينا عند حاجتنا إليه ويذهب عنا عند رينا وغنانا عنه.
النخل عندنا في منابته كالزيتون عندكم في مآركه (٤) ، فذاك في أوله كهذا في إبانه ، ذاك في أفنانه كهذا في أغصانه يخرج أسفاطا عظاما ، وأوساطا ، ثم ينفلق عن قضبان الفضة منظومة بالزبرجد الأخضر ثم يصير أصفر وأحمر ، ثم يصير عسلا في شنة من سخاء ليست بقربة (٥) ولا إناء ، حولها المذاب ودونها الحراب ، لا يقربها الذباب مرفوعة عن التراب ، من الراسخات في الوحل الملقحات بالفحل المطعمات في المحل وأما بيوتنا الذهب فإن لنا عليهم خرجا في السنين والشهور ، نأخذه في أوقاته ، ويدفع الله عنه آفاته وننفقه في مرضاته.
قال : فقال هشام : وأنى لكم هذا يا بن صفوان ولم تسبقوا إليه ولم تنافسوا عليه؟ فقال ورثناه عن الآباء ، ونعمره للأبناء ، فيدفع لنا عنه رب السماء ، فمثلنا فيه كما قال أوس بن مغراء (٢١ ـ و) :
فمهما كان من خير فإنا |
|
ورثناه أوائل أولينا |
ونحن مورثوه كما ورثناه |
|
عن الآباء إن متنا بنينا |
__________________
(١) من أنواع السمك ، ويكثر الأول في دجلة.
(٢) الهملاج من البراذين : المذلل المنقاد. القاموس.
(٣) القند السكر.
(٤) الارائك : القطعة من الارض. القاموس. وفي كتاب الجليس الصالح : «منازلة».
(٥) في الجليس : «في شنه مرتتجا بقربه» والتصحيف واضح هنا.