ان حفظت سري حفظك الله وان أظهرت عليه أهلك أهلكك الله ، فكانت معه سنة لم تلد فدعاها الملك ، فقال : أنت شابة ، وابني شاب فأين الولد ، وأنت من نساء ولّد؟ فقالت : انما الولد بأمر الله ، ودعا الخضر فقال له : أين الولد يا بني فقال : الولد بأمر الله ، فقيل للملك : فلعل هذه المرأة عقيم لا تلد ، فزوجه امرأة قد ولدت ، فقال للخضر : طلق هذه ، فقال : تفرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها. قال : لا بد ، فطلقها (١٨٧ ـ و) ثم زوجه ثيبا قد ولدت ، فقال لها الخضر كما قال للأولى ، فقالت : بل أكون معك ، فلما كان الحول دعاها فقال : إنك ثيّب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك ، فقالت : هل يكون الولد إلا من بعل ، وبعلي مشتغل بالعبادة لا حاجة له في النساء.
فغضب الملك وقال : اطلبوه. فهرب ، فطلبه ثلاثة ، فأصابه اثنان منهم ، فطلب إليهما ان يطلقاه ، فأبيا ، وجاء الثالث فقال : لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده ، فأطلقاه ، ثم جاؤوا الى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وان الثالث أخذه منهما. فحبس الثالث ، ثم فكر الملك فدعا الاثنين ، فقال : أنتما خوفتما ابني حتى ذهب ، فأمر بهما فقتلا ، ودعا بالمرأة فقال لها : أنت هربت ابني ، وأفشيت سره لو كتمت عليه لاقام عندي ، فقتلها ، وأطلق المرأة الأولى والرجل. فذهبت المرأة فاتخذت عريشا على باب المدينة فكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه ، فخرج رجل من المدينة فقير ، فقال : بسم الله. فقالت المرأة : وأنت تعرف الله؟ قال : أنا صاحب الخضر ، قالت : وأنا امرأة الخضر ، فتزوجها وولدت له ، وكانت ماشطة ابنه فرعون.
فقال أسباط عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنها بينا هي تمشط ابنة فرعون سقط المشط من يدها ، فقالت : سبحان ربي ، فقالت ابنة فرعون : أبي؟. قالت : لا ، ربي ورب أبيك ، فقالت : أخبر أبي؟. قالت : نعم ، فأخبرته فدعا بها فقال : ارجعي ، فأبت. فدعا بنقرة من نحاس وأخذ بعض ولدها (١٨٧ ـ ظ) فرمى به في النقرة وهي تغلي ، ثم قال : لها : ترجعين؟ قالت : لا فأمر بها ، قالت : إن لي حاجة. فقال : وما هي؟. قالت : إذا ألقيتني في النقرة ، تأمر بالنقرة أن تحمل ثم تكفى في بيتي الذي على باب المدينة وتنحى النقرة ، وتهدم البيت علينا حتى يكون قبورنا ، فقال : نعم ان لك علينا حقا ، قال : ففعل بها ذلك.