قال : فأقدمها يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، والناس والمسجد غاص بأهله قال : قلت أجلس حتى يخرج الناس ويقضوا حاجتهم ، ثم أدخل عليه ، قال : فإني لجالس أنتظر ذاك إذ خرج إليّ رجل طويل آدم (١) كأنه من رجال أزد شنؤة ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ، ويقول لقد بلغني إسلامك ، فادخل فصل مع الناس ، قال : قلت : من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا جندب بن جنادة الغفاري ، قال أبو عامر : وهو أبو ذر ، قال : فدخلت معه فصيلت ، فلما فرغ رسول الله صلى (١٤١ ـ و) الله عليه وسلم من صلاته دنوت منه ، فأخذ بيدي قال : فشهدت شهادة الحق ، وقلت : يا رسول الله جزى الله صاحبي خيرا ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما علمت ، إنه قد أدّى إبلك الى أهلك؟ قال : قلت : يا رسول الله جزاه الله خيرا ، قال : فأسلمت فهو كان بدو إسلامي.
قال : وحدثنا محمد بن عثمان قال : حدثنا محمد بن تسنيم أبو طاهر الوراق قال : حدثنا ابن خليفة الأسدي عن رجل من أهل أذرعات ـ قد سماه محمد بن تسنيم ـ باسناد أجود من هذا عن خريم بن فاتك ، وفيه اختلاف في الشعر ، قال : قال خريم بن فاتك : خرجت في بغاء إبل لي فأصبتها بأبرق الغراف ، قال : وكنا إذا نزلنا بواد يقول قلنا (٢) : نعوذ بعزيز هذا الوادي ، نعوذ بسيد هذا الوادي ، فإذا بهاتف يهتف بي وهو يقول :
عذ بالله ذي الجلال |
|
منزّل الحرام والحلال |
ووحد الله ولا تبالي |
|
ما كيد ذي الجن من الأهوال |
إذ يذكر الله على الأميال |
|
وفي سهول الأرض والجبال |
وصار كيد الجن في سفال |
|
إلا التقى وصالح الأعمال |
قال : فقلت له :
يا أيها القائل ما تقول |
|
أرشد عندك أم تضليل؟ |
__________________
(١) أي داكن أقرب الى السواد.
(٢) كذا بالاصل والاقوام «يقول قائلنا».