قال المحدث : فقلت للغلام : أما تستحي من هذا الرجل في جلالته؟ فقال : فديتك كل من يلقى يقول له مثل هذا.
ذكر اليوسفي صاحب الرسائل ، وهو في غالب ظني أحمد بن يوسف قال : وحدثني أبو الحسن الشهرياري أن خالدا وقع بينه وبين الحلبي الشاعر الذي يقول فيه البحتري : «سل الحلبي عن حلب» (١) ، وهي قصيدة ، خلاف في معنى شعره ، فقال له الحلبي : لا تعد طورك فأخرسك ، فقال له خالد : لست هناك ولا فيك موضع للهجاء ، ولكن ستعلم أني سأجعلك ضحكة ، وكان الحلبي أوسخ الناس فجعل يهجو جبته وثيابه وطيلسانه فمن ذلك (١٢٨ ـ ظ) قوله :
وشاعر ذي منطق رائق |
|
في جبة كالعارض البارق |
قطعاء شلاء رباعية |
|
دهرية مرقوعة العاتق |
قدّمها العري على نفسه |
|
تفصيلها في القدر السابق |
وقوله :
وشاعر معدم له قوم |
|
ليس عليهم في نصره لوم |
قد ساعدوه في الجوع كلهم |
|
فقرأ فكلّ غذاؤه الصوم |
يأتيك في جبة مرقعة |
|
أطول أعمار مثلها يوم |
وطيلسان كالآل (٢) يلبسه |
|
على قميص كأنه غيم |
من حلب في صميم سفلتها |
|
غناه فقر وعزّه ضيم |
قال : وقال فيه أيضا :
تاه على ربه فأفقره |
|
حتى أراه الغنى فأنكره |
فصار من طول حرفه علما |
|
يقذفه الرزق حين يبصره |
يا حلبيا قضى الإله له |
|
بالتيه والفقر حين صوره |
لو خلطوه بالملك وسّخه |
|
ولو رموه في البحر كدره |
__________________
(١) انظر ديوان البحتري ـ ط. دار صادر بيروت : ٢ / ١٠ ـ القصيدة مع حكايتها.
(٢) كتب ابن العديم في الهامش «الآل : السراب».