قالوا : موت (١٠٠ ـ و) خالد بن الوليد يوم رحلنا من حمص ، قال : فاسترجع عمر مرارا ونكس ، وأكثر الترحم عليه ، وقال : كان والله سدادا لنحور العدو ، ميمون النقيبة ، فقال له علي بن أبي طالب : فلم عزلته؟ قال : عزلته لبذله المال لأهل الشرف وذوي اللسان ، قال علي : فكنت تعزله عن التبذير في المال وتتركه على جنده؟ قال : لم يكن يرضى ، قال : فهلا بلوته؟.
قال : وحدثنا محمد بن سعد قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني يزيد بن عبد الملك عن الحارث بن الحكم الضمري عن شيخ من بني غفار ، قال سمعت عمر ابن الخطاب بعد أن مات خالد بن الوليد وعمر فيما بين قديد (١) وعسفان (٢) يقول ـ وذكر خالدا وموته ـ فقال : قد ثلم في الإسلام ثلمة لا توثق ، فقلت : يا أمير المؤمنين لم يكن رأيك فيه في حياته على هذا؟ قال : ندمت على ما كان مني اليه.
قال محمد بن عمر : وحدثني غير يزيد بن عبد الملك قال : حج عمر بن الخطاب ومعه زبيد بن الصلت ، وكان كثيرا ما يسايره ، قال : فعرسنا (٣) من الليل بأسفل ثنية (٤) غزال فجعلت الرفاق تمر من الشام يذكرون خالد بن الوليد بعد موته ويقول راجزهم :
اذا رأيت خالدا تجففا |
|
وكان بين الأعجمين منصفا |
وهبت الريح شمالا حرجفا |
قال : فجعل عمر يترحم عليه ، فقال له زبيد : ما وجدت مثلك ومثله إلّا كما قال الشاعر :
لا أعرفنك بعد الموت تندبني |
|
وفي حياتي ما زودتني زادي |
فقال عمر : لا تقل ذلك فو الله ما نقمت على خالد في شيء إلّا في اعطائه المال (١٠٠ ـ ظ) والله ليته بقي ما بقي بالحمى حجر.
__________________
(١) قديد موضع قرب مكة. معجم البلدان.
(٢) منهل من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. معجم البلدان.
(٣) التعريس هنا : النزول في آخر الليل للاستراحة. القاموس.
(٤) واد لخزاعة ليس بعيدا عن مكة. معجم البلدان.