النورة بثجير (١) عصفر معجون بخمر ، فكتب إليه : بلغني أنك تدلكت بخمر ، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها ، وحرم ظاهر الاثم وباطنه وقد حرم مس الخمر إلّا أن يغسل كما حرم شربها ، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس وإن فعلت فلا تعودوا ، فكتب إليه خالد إنا قيلناها (٢) فعادت غسولا غير خمر فكتب (٩٥ ـ و) إليه عمر : إني لأظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه ، فانتهى لذلك ، وقال خالد في ذلك :
سّهل أبا حفص فإن لدينا |
|
شرائع لا يشقى بهن المسهل |
أنجست في الخمر الغسول ولا يرى |
|
من الخمر بثقيف المحيل المخلل |
وهل يشبهن طعم الغسول |
|
وذوقه حميّاء الخمور والخمور تسلسل |
قال : وحدثنا سيف عن الربيع وأبي عثمان وأبي حارثة قالوا : وأدرب سنة سبع عشرة خالد وعياض فسارا فأصابا أمرا عظيما ، وكانا توجها من الجابية ، فرجع عمر إلى المدينة وعلى حمص أبو عبيدة ، وخالد تحت يديه على قنسرين ، وعلى دمشق يزيد بن أبي سفيان ، وعلى الاردن معاوية ، وعلى فلسطين علقمة بن محرز ، وعلى الأهراء عمرو بن عبسة ، وعلى السواحل عبد الله بن قيس ، وعلى كل عمل عامل ، فقامت مسالح الشام ومصر والعراق على ذلك إلى اليوم ، ولم يجاز أمة الى أخرى خلفها بعد إلّا أن يقتحموا عليهم بعد كفر منهم ، فيقدموا مسالحهم ، واعتدل ذلك سنة سبع عشرة.
قال : وحدثنا سيف عن أبي المجالد والربيع وأبي عثمان وأبي حارثة باسنادهم قالوا : لما قفل خالد وبلغ الناس ما أصابت تلك الصائفه انتجعه رجال ، فانتجع خالدا رجال من أهل الآفاق وكان الأشعث انتجع خالدا بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف وكان عمر لا يخفى (٩٥ ـ ظ) عليه شيء في عمله ، فكتب إليه من العراق بخروج من خرج منها ، ومن الشام بجائزة من أجيز فيها ، فدعا البريد وكتب معه إلى أبي
__________________
(١) الثجير ما عصر من العنب فجرت سلافته وبقيت عصارته وقيل الثجير ثفل البسر يخلط بالتمر فينتبذ. النهاية لابن الأثير.
(٢) أي جعلناها أشبه بالماء ـ القاموس.