من عند النجاشي فلقي عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد بالهدة (١) يريدان الهجرة فمضى معهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا مرجّا بن أبي الحسن بن شقيرة الواسطي قال : أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطى ـ بها ـ قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال : أخبرنا عيسى ابن علي بن عيسى قال : أخبرنا عبد الله (٧٤ ـ و) بن محمد قال : حدثنا داود بن عمرو قال : أخبرنا أبو راشد المثنى بن زرعة بن محمد بن اسحاق قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي عن حبيب بن أوس قال : حدثني عمرو ابن العاص من فيه قال : لما انصرفنا من الأحزاب عند الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم : والله إني أرى أمر محمد يعلو الأمر علوا منكرا ، وإني قد رأيت رأيا فما ترون فيه؟ قالوا : وما ذاك الذي رأيت؟ قال : قلت رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون معه فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي ، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا ، فلم يأتنا منهم إلّا خير؟ قالوا : هذا الرأي ، قلت : فاجمعوا له ما نهدي له ، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم ، فجمعنا له أدما كثيرا ، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه ، فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه ، قال : فدخل عليه ثم خرج من عنده قال : فقلت لأصحابي : هذا عمرو ابن أمية ، ولو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه ، فإذا فعلت به ذلك رأت قريش أن قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد ، قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال : مرحبا بصديقي ، أهديت لنا من بلادك شيئا؟ قلت : نعم (٧٤ ـ ظ) أهديت لك أدما (٢) كثيرا ، ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه ، ثم قلت له : أيها الملك قد رأينا رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطينيه لأقتله ، قد أصاب من أشرافنا.
قال : فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، لو اتسعت
__________________
(١) هي الهداة موضع بين عسفان ومكة ، وسيرد تعريف عسفان بعد قليل.
(٢) أي الجلد المدبوغ وغالبا ما يكون أحمر اللون.