رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثمها ، ثم خنقته العبرة ، فبكى ، فقال له ابن زياد : مم تبكى؟ أبكى الله عينيك ، والله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك.
قالوا : وكانت الرءوس قد تقدم بها شمر بن ذي الجوشن أمام عمر بن سعد.
قالوا : واجتمع أهل الغاضرية فدفنوا أجساد القوم.
وروي عن حميد بن مسلم قال : كان عمر بن سعد لي صديقا ، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين ، فسألته عن حاله ، فقال : لا تسأل عن حالي ، فإنه ما رجع غائب الى منزله بشر مما رجعت به (١٦ ـ ظ) قطعت القرابة القريبة ، وارتكبت الامر العظيم.
قالوا : ثم ان ابن زياد جهز علي بن الحسين ومن كان معه من الحرم ، وجه بهم الى يزيد بن معاوية مع زحر بن قيس ومحقن بن ثعلبة ، وشمر بن ذي الجوشن ، فساروا حتى قدموا الشام ، ودخلوا على يزيد بن معاوية بمدينة دمشق ، وأدخل معهم رأس الحسين ، فرمي بين يديه ، ثم تكلم شمر بن ذي الجوشن ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ورد علينا هذا في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته ، وستين رجلا من شيعته ، فسرنا إليهم ، فسألناهم النزول على حكم أميرنا عبيد الله بن زياد أو القتال ، فغدونا عليهم عند شروق الشمس ، فأحطنا بهم من كل جانب ، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون الى غير وزر (١) ، لوذان الحمام من الصقور ، فما كان إلا مقدار جزر جزور ، أو نوم قائل حتى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مجردة ، وثيابهم مرملة ، وخدودهم معفرة ، تسفى عليهم الرياح ، زوارهم العقبان ، ووفودهم الرخم (٢) فلما سمع ذلك يزيد دمعت عينه وقال : ويحكم ، قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ، لعن الله ابن مرجانة ، أما والله لو كنت صاحبه لعفوت عنه رحم الله أبا عبد الله ، ثم تمثل :
نفلق هاما من رجال أعزة |
|
علينا ، وهم كانوا أعق وأظلما |
__________________
(١) مجلأ.
(٢) طائر موصوف بالغدر.