لكاره لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم ، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري : غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له : اتق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي : بلغني خروج حسين فأدركته بملل (١) ، فناشدته الله أن لا يخرج ، فانه يخرج في غير وجه خروج ، انما يقتل نفسه ، فقال : لا أرجع.
وقال جابر بن عبد الله : كلمت حسينا فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض ، فو الله ما حمدتم ما صنعتم فعصاني. وقال سعيد بن المسيب : لو أن حسينا (٦١ ـ ظ) لم يخرج لكان خيرا له.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج اليهم ، ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.
وكتب إليه المسور بن مخرمة : اياك أن تغتر بكتب أهل العراق ويقول لك ابن الزبير : الحق بهم ، فانهم ناصروك ، إياك أن تبرح الحرم فانهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون آباط الابل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدّة ، فجزاه خيرا ، وقال : أستخير الله في ذلك.
وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة وتخبره أنه إنما يساق الى مصرعه ، وتقول أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يقتل حسين بأرض بابل ، فلما قرأ كتابها قال : فلا بد إذا من مصرعي ، ومضى.
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال : يا بن عم ان الرحم تظأرني (٢) عليك ، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟ قال : يا أبا بكر ما أنت ممن يستغش ولا يتهم فقل ، قال : قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك ،
__________________
(١) ملل : موضع في طريق مكة بين الحرمين ، وهو منزل على طريق المدينة الى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة. معجم البلدان.
(٢) أي أعطف عليك وأرعاك.