الحسن بن أبي جعفر إجازة عنه ، قال : وكان نظام الملك من طوس ، وأهل طوس ، يقال لهم في اصطلاح الناس بقر طوس ، وكان للخزانة صائغ يقال له حسين ، حسن الصناعة في الصياغة ، قال : استدعاني يوما نظام الملك ، وقال : أحضر لي قوالب لعمل سخوت ، فأحضرتها له فأول ما وقعت يده على قالب فيه صورة البقر ، وقد كنت غفلت عن الحديث فعجل وقال : يا أستاذ ما تخلينا من يدك فلم يترك الظرف واللطف مع جلالة قدره ، وكبر سنه.
أخبرني أبو علي الحسن بن اسماعيل القيلوي بحلب قال : قرأت في بعض مطالعاتي أن الشريف أبا يعلى (٢٩٦ ـ و) بن الهبارية كان له رسم على الوزير نظام الملك فنظم قطعتين من الشعر ، إحداهما يمدحه فيها ويقتضيه رسمه ، والأخرى يهجوه فيها ، وترك الورقتين اللتين فيهما الشعر في عمامته ، وحضر عند نظام الملك.
وأراد أن يدفع إليه الرقعة التي فيها الاقتضاء ، فدفع إليه الأبيات التي هجاه فيها.
وإذا فيها مكتوب :
لا غرو أن ملك ابن اسحاق وساعده القدر
وصفا لدولته وخصّ أبا الغنائم بالكدر
فالدّهر كالدولاب ليس يدور إلّا بالبقر
يعني بأبي الغنائم تاج الملك ، وكان من أصحاب السلطان ملكشاه ، وكان بين نظام الملك وبينه عداوة.
قال : فلما قرأ نظام الملك الأبيات وقع على رأسها يطلق لهذا القواد رسمه مضاعفا ، وناوله إياها ، فأخذ ابن الهبارية الرقعة ، فلما نظرها أخذ يعتذر ، فقال له النظام : لا تقل شيئا ، وخذ الرقعة ، وامض الى الديوان ، فمضى وأخذ رسمه.
قال : إن ابن الهبارية (١) هجاه بعد ذلك بقوله :
لا يشمخن بأنفه |
|
غير الكريم المفضل |
اهون بفقري والكلا |
|
ب على عيال أبي علي |
__________________
(١) لم أستطع الوقوف على ديوان لابن الهبارية.