رجل أن إنسانا من الخراسانية مات في بعض الزوايا ، وأنه انتفخ وفسد ، ولزمني القيام بحقه لما أديت من الأمانة إليّ فيه ، فتمكثت لذلك.
قال : فرآني بعض من كان يأتمنه الصاحب نظام الملك على أمور الحاج فقال لي : ما وقوفك ها هنا والقوم قد ذهبوا؟! فقلت : أنا واقف لكذا وكذا ، فقال : اذهب ولا تهتم لأمر هذا الميت ، فإن عندي خمسين ألف ذراع من الكرباس لتكفين الموتى من جهة الصاحب نظام الملك.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال : أخبرنا تاج الإسلام أبو سعد السمعاني قال : وكان أكثر ميله إلى الطائفة المتصوفة مع الإيمان بما كانوا يتوسلون به إليه من فنون الرؤيا ، فيقبلهم على ذلك ، ويقربهم ، وينجح حوائجهم ، ويوصل إليهم مآربهم ، ويقضي ديونهم ويدر عليهم الادرارات والمرسومات.
وحكي عن بعض المعتمدين أنه قال : حاسبت مع نفسي وطالعت الجرائد فبلغ ما قضاه الصدر من ديون واحد من المتنمسين المقبولين عنده في مدة سنين يسيرة ثمانين ألف دينار حمر ، وكان صادقا فيما حكاه.
نقلت من خط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ، وأنبأني عنه أبو الحسن محمد بن أبي جعفر وغيره ، قال : ومناقب نظام الملك أكثر من أن تحصى ، وحكى من أحضر محاسبة ابن اسمحا اليهودي بإحالاته وتوقيعاته ، فوجدها في أشهر قد اشتملت على ثلاثين ألف دينار ، ليس فيها توقيع إلّا لفقيه ، أو فقير ، أو شريف ، أو لرجل من أهل بيت (٢٩٢ ـ ظ).
أخبرنا أبو هاشم قال : أخبرنا أبو سعد قال : سمعت أبا الفضل مسعود بن محمود الطرازي ببخارى يقول : سمعت شيخنا الحسن بن الحسين الأندقي يحكى عن عبد الله الساوجي أنه قال : كان الوزير نظام الملك استأذن السلطان ملك شاه في سفر الحج ، فأذن له ، وكان ببغداد ، فعبر الدجلة ، وعبروا بالقماشات والآلات ، وضربت الخيام على شط الدجلة ، فكنت أريد أن أدخل إليه يوما ، فرأيت على باب الخيمة واحدا من الفقراء يلوح من جبينه سيماء القوم ، فقال لي : يا شيخ أمانة توصلها إلى الصاحب ، قلت : نعم ، فأعطاني رقعة مطوية ، فدخلت ، ولم أنشر الرقعة ،