المشي منه ، فقال : ما بك؟ فقال : دمل فقال : ندعو لك طبيبا يبصرك فقال لا حاجة لي اليه فألح كمال الدين عليه في احضار الطبيب فصدقه الحال ، وقال : انه حضر عندي رجلان ليلا وذكر له ما جرى عليه ، فقال له كمال الدين كالجاهل بالقضية : ألم أنهك وأقل لك لا تتعرض لهم ولا تذكرهم بسوء فانك لا تأمن غائلتهم ، ثم قال له : فنحن نستدعي رئيس الباطنية هاهنا ونسأله في أمرك؟ فقال : افعل فأرسل الى رجل من أصحابه وأحضره على أنه رئيس الباطنية وخاطبه في معناه فقال : مفتاح القفل عندي وقد تركه عندي الرجلان ومضيا ، فان شرطت عليه أنه لا يعود الى ذكرنا بسوء أطلقناه ، فشرطوا عليه ذلك ، وفتح القفل وأطلق وكانت هذه من مطايبات كمال الدين له.
سمعت القاضي نجم الدين الحسن بن عبد الله بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي ، قاضي حلب يقول : كان بدمشق رجلا يقال له البدر الارموي ، وكان بينه وبين العلم الشاتاني شيء فحضرا يوما وليمة عند القاضي كمال الدين الشهرزوري وكان البدر الارموي يجعل في كمه قدرا صغيرة مربوطة في زنده ليجعل (٢١١ ـ ظ) فيها طعاما يزله من الوليمة التي يحضرها وكان واسع الاكمام فراقبه العلم الشاتاني الى أن وضع فيها الطعام ، وملأها وغافله ، وضرب القدر على كمه فانكسرت ، وتبدد جميع ما فيها من الطعام وسال في كمه وامتلأ كمه به ، فجعل البدر الارموي ينفض كمه ويلوث به ثياب الناس حتى وصل من ذلك الى كمال الدين وجميع من في المجلس.
قال لي الفقيه عماد الدين أبو المجد اسماعيل بن باطيش : مات العلم الشاتاني في حدود سنة تسعين وخمسمائة بالموصل ، وهذا وهم والصحيح ما أنبأنا به أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال : أخبرنا الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصري قال : بلغني وفاته ـ يعني الشاتاني ـ في شهر شعبان سنه تسع وسبعين ، وقد جاوز السبعين ، وقرأت ذلك بخط الحافظ أبي المواهب في معجم شيوخه ، وكتب الينا أبو عبد الله بن الدبيثي من بغداد أن العلم الشاتاني توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة ، قال : وبلغني أنه تغير في آخر عمره.