الله عله وسلم بين أظهرنا ، فلم تقبل له إحسانه ولم تجاوز له (١٣ ـ و) اساءته جراءة منك على الرب عز وعلا ، واستخفافا منك بالعهد والله لو أن اليهود والنصارى ، رأت رجلا خدم عزير بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته ، فكيف وهذا أنس بن مالك ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه ثمان وسنين ، يطلعه على سره ويشاوره في أمره ، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحابه ، فإذا قرأت كتابي هذا ، فكن أطوع له من خفه ونعله ، والا أتاك مني سهم مشكل بحتف قاض ، «ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون» (١).
قال القاضي : قول الحجاج سكّ الله سمعك ، يقال استكت الأذنان واصطكت الركبتان ، وقوله للحجاج يا بن المستفرمة بعجم الزبيب : كانت المرأة تستعمل عجم الزبيب لتضييق قبلها في ما ذكر بعض أهل العلم ، وهو حبّه والنوى كله ، يقال له عجم ، واحدته عجمه ، قال الأعشى :
مقادك بالخيل أرض العدو |
|
وجذعانها (٢) كلقيط (٣) العجم |
قيل صارت من صلابتها مثل النوى ، وقال أبو عبيدة : عجم عجما أي لبك ، لأنه نوى الفم ، فهو أصلب لأنه ليس بنوى خلّ ولا نبيذ ، فهو أصلب وأملس ، وإنما أراد صلابتها وضمرها ، ولقيط أراد ملقوط ، مثل جريح ومجروح ، ويروى كلقيط العجم أي ملقوط ملقى.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، قال أخبرنا الحسن بن علي الجوهري (١٣ ـ ظ) قال : أخبرنا محمد بن العباس قال : أخبرنا أحمد بن معروف قال : حدثنا الحسين بن فهم قال : حدثنا محمد بن سعد قال : أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني ابن أبي ذئب عن اسحاق بن يزيد قال : رأيت أنس ابن مالك مختوما في عنقه ، ، ختمة الحجاج أراد أن يذله بذلك ، قال محمد بن عمر :
__________________
(١) سورة الانعام الآية : ٦٧.
(٢) الجذع من أسنان الدواب ما كان منها شابا فتيا. النهاية لابن الاثير.
(٣) في ديوانه ـ ط. دار صادر بيروت : ١٩٨ «كلفيظ».