وعمه واخوته ، وحصل عند حسان واستجاره فأجاره ، وقدم الحاكم يارختكين وقلده الشام وأمر الناس بالترجل له منهم علي ومحمود ابنا المفرج ، فشق عليهما ذلك وأبيا الصبر على هذه المذلة ، وكتبا بذلك الى أبيهما وأخيهما حسان ، فلما توسط يارختكين (١) الجفار أشار أبو القاسم بن المغربي على حسان بلقائه ، وانتهاز الفرصة فيه ، فسار حسان الى أبيه ، وأجمع رأيهما على لقائه ، فخرج يا رختكين من غزة ، وكان حسان قد عرف خبره وبث الخيل من كل جانب ، ووقعت الوقعة بين الفريقين وكانت الغلبة فيها لحسان والعرب ، فأسر يارختكين وحرمه وأولاده واستولي على أمواله ، وحصل أكثر ذلك في يد حسان ، وعاد حسان وأبوه الى الرملة وهجموها واستولوا عليها وبالغوا في الفتك والهتك بأهلها ، وكتب الحاكم الى المفرج يعاتبه وطالبه بانتزاع يارختكين من يد حسان ، وحمله اليه الى مصر ، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار ، فاجتمع أبو القاسم ابن المغربي بحسان وقال : ان والدك سيركب اليك ويثقل عليك في أمر يا رختكين وما يبرح إلّا به ، ومتى أفرجتم عنه عاد الى الحاكم فرده اليكم في العساكر الكثيرة ، فلما سمع حسان ذلك منه وكانت في رأسه نشوة ، أحضر بارختكين في قيوده وأمر بضرب عنقه وأنفذ رأسه الى أبيه المفرج ، فشق عليه ثم أشار ابن المغربي على المفرج وحسان بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة ومبايعته ، وسار رسولا عنهما وبايع وتلقب بالراشد ، وخرج من مكة حتى اجتمع بحسان وأبيه ، ودخل الرملة ونلقاه حسان وأبوه وآل الجراح ، وقبلوا الارض بين يديه.
وكتب الحاكم الى حسان وأبيه وبذل (١٢٩ ـ ظ) لهما بذولا كثيرة واستمال آل الجراح ، فمالوا الى الحاكم ، وقوي أمره وضعف أمر أبي الفتوح ، فاجتمع بالمفرج وقال : قد خفت من غدر حسان ، فأبلغني مأمني وسيرني الى وطني فأعطاه ذمامه ، وسيره الى مكة.
ثم ان المفرج مات بعد ذلك ، واستقل حسان ابنه بالامارة على طيء وتجددت بينه وبين الظاهر بن الحاكم الوحشة ، وتحالف هو وصالح بن مرداس الكلابي صاحب
__________________
(١) أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر ، أولها رفح من جهة الشام.
معجم البلدان.