حسان بن كمشتكين (١) التركي :
صاحب منبج وأعمالها ، كان أميرا مذكورا شجاعا ، له صدقة ومعروف ، وابتنى بمنبج مدرسة وقفها على أصحاب الامام (١٣٠ ـ ظ) أبي حنيفة رضي الله عنه ، ووقف عليها أوقافا حسنة ، وكان قد بلغ بلك بن بهرام بن أرتق عنه كلام أوجب تغيره عليه ، فسير ابن عمه تمرتاش بن ايلغاري بن أرتق بقطعة من عسكره ، وأمره بالمرور بمنبج والتقدم الى حسان بالمسير معهم الى تل (٢) باشر ، فاذا خرج قبضوه فتوجه تمرتاش اليه في صفر من سنة ثمان عشر وخمسمائة ، وفعل ما أمره به ، وقبض على حسان ، ودخلوا منبج ، وعصى عليه الحصن فلم يسلم اليه ، وسيره الى (٣) خرتبرت ، وحبسه في جب ، ودام على حصر منبج ، ووصل بلك بنفسه ، فضربه سهم من الحصن فقتله ، وأخرج حسان من الجب وعاد الى منبج ، ودام في ولايتها الى أن توفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة ، وقد ذكرنا قصة حسان مع بلك مستقصاه في ترجمة بلك من هذا الكتاب.
قرأت بخط مرهف بن أسامة بن منقذ في مدرج علق فيه شيئا من التاريخ ، قال : فيها قبض بلك على حسان البعلبكي ، ونزل على قلعه منبج ، وكان فيها عيسى أخو حسان ، وعذب حسان أنواع العذاب ليسلم اليه منبج ، فلم يفعل أخوه عيسى وأنفذ الى جوسلين وأطمعه بتسليم منبج اليه ، فجمع جمعا كثيرا ، وجاء فنصر الله بلكا عليه ، فكسره ، وعاد الى حصار منبج فأصابه سهم في ترقوته فمات ، وكان قد جعل سجن حسان في قلعة (٤) بالو ، فلما قتل بلك نزل ابن عمه داود بن سكمان على بالو فأخذها وأفرج عن حسان ، وقيل ان ذلك كان في ربيع الاول (٥).
__________________
(١) وردت هذه الترجمة على الورقة ١٣٠ ـ ١٣١ و، وكتب فوقها تقدم هذه الترجمة الى ما قبل حسان بن مالك ، فقدمتها.
(٢) قلعة حصينة في شمال حلب ، بينها وبين حلب يومان. معجم البلدان.
(٣) خرتبرت أو خربوط أو حصن زياد ، في أقصى ديار بكر ، بينه وبين ملطية مسيرة يومين ـ معجم البلدان.
(٤) قلعة حصينة وبلدة من نواحي أرمينية بين ارزن الروم وخلاط. معجم البلدان.
(٥) من سنة ٥١٧ ه. لمزيد من التفاصيل انظر كتابي الحروب الصليبية : ٢ / ٥٩٦ ـ ٥٩٨ ، ٧٦٤.