فخرج الى قومه فأمدوه بخمسمائة مدجج ، فخرج بهم فأوقع بقبائل معه ، وقتل الاشعر بن عمرو ، وشرب في قحف رأسه خمرا ، وتفرق من كان معه الى اليمن ، (٣٠٦ ـ ظ) وطلبت قبائل معد امرئ القيس ، فلما علم أنه لا قوة له على طلب المنذر واجتماع القبائل من معد ، ولم يتمكن يرجع ، فصار الى سعد بن الضباب الايادي ، وكان عاملا لكسرى في بعض العراق فاستتر عنده حينا حتى مات سعد ، فخرج امرؤ القيس الى طيىء وجديلة ونبهان فتنقل بينهم مدة وصار الى تيماء الى السموأل ليجيره ، فقال أنا لا أجير على الملوك ، فأودعه ادراعا ، وسار عنه الى ملك الروم فمدحه واستنصره فأمده بتسعمائة من البطارقة ، فصار الطّماح الاسدي الى قيصر فقال له : ان امرئ القيس يشتمك في شعره وزعم أنك علج أغلف (١) ، فوجه قيصر الى امرئ القيس بحلة مسمومة ، فلبسها فتقطع جلده ومات بأنقرة من أرض الروم.
وقد قيل في انفاذ قيصر الحلة المسمومة لامرىء القيس قول آخر وهو : أن امرئ القيس هوته ابنة قيصر ، وراسلته ، وصار بينه وبينها أمر بلغ قيصر فأوجب أن فعل به ذلك.
وقيل بأن الطماح بن قيس بن طريف الاسدي ، وشى به الى ملك الروم بسبب ابنته ، وكان حجر والد امرئ القيس ، قتل أباه ، فقال له ملك الروم : ائتنا بأمارة فأتاه بقارورة من طيب الملك ، فبعث بها الطماح الى قيصر ، وأخبره بالحديث فعرفه وعلم صحته ، وأنفذ اليه الحلة المسمومة.
ذكر ذلك الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المغربي ـ في أدب الخواص ـ قال ابن المغربي : وقيل ان امرئ القيس لما وصل عند الملك مستغيثا به على من قتل أباه من العرب زوجه الملك بابنته ، وأعطاه الرجال وخرج من عند الملك (٣٠٧ ـ و) فتخلفه الطماح قبيحا ، وأوغر عليه قلب الملك ، وقلب ابنته ، فأعطاه خلعة مسمومة ، وقال : الحق امرأ القيس ، وادفع اليه هذه الخلعة ، وقل له : ان الملك أكرمك بهذه الخلعة من جسده ، ففعل وأعطاه الحلة فلمسها وعلم أنها مسمومة فقال :
__________________
(١) أي غير مختون.