قرأت في كتاب «أدب الخواص (١)» تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن المغربي ، قال : أول ما سمع حجر من شعر ابنه امرئ القيس قوله :
اسقيا حجرا على علاته |
|
من كميت لونها لون العلق (٢) |
قال الوزير : واني لأستقبح أن يقول قائل لأبيه «على علاته» ، وأظن ذلك هو الذي غاض حجرا ، فلما سمعه أمر الساقي بلطم وجهه واخراجه ونهاه عن قول الشعر ، ثم سمعه يوما وهو يشرب من فضلة أبيه ، وهو يقول :
وهر تصيد قلوب الرجال |
|
وأفلت منها ابن عمرو حجر (٣) |
يعني هر بنت سلامة بن عبد الله بن عليم من بني كليب ، وابنها الحارث وهو الملقب بالخرساء ، وقيل : إن هرا جارية كانت لأبيه ، والأول أصح ، فوثب اليه أبوه فضربه ، وأمر مولى له أن يقتله ، فلم يقتله وأظهر قتله ، ثم ندم على ذلك.
وقال غير الوزير أبي القاسم : إنه لما نهاه أبوه عن قول الشعر ولم ينته أمر حجر حاجبه (٢٩١ ـ ظ) ربيعة (٤) بقتله وأخبر أنه قتله ، فتبين ندمه ، فقال : لم أقتله وإنما تركته على جبل فأمره بإحضاره ، ثم طرده عنه ، فلم يزل يسير في العرب ومعه قيانه وهجائنه يصيد ويشرب الخمر ، فبينما هو في شربه إذ نعي اليه أبوه ، وأن بني أسد قتلته ، وكان ملكهم ، قتلوه لعسفه وظلمه ، انتخى له علباء بن الحارث ابن حارثة بن هلال أحد بني كاهل بن أسد ، فضربه بعكاز فأصاب نساه (٥) فمات ، وانتهبوا أمواله ، وكان حجر قتل أباه.
ولما بلغه قتله قال : ضيعني صغيرا وحملني ثقل الثأر كبيرا ، اليوم خمر وغدا
__________________
(١) كتاب أدب الخواص في المختار من بلاغات العرب وأخبارها وأنسابها. وصلنا الجزء الاول منه ، وقد نشره الاستاذ حمد الجاسر في اعداد من مجلته «العرب» وجاء ما تعلق بامرئ القيس في العدد (٥ ـ ٦ س ١١) كانون أول ١٩٧٦ : ٤٤٦ ـ ٤٥٦. وليس هذا الخبر في هذا الجزء.
(٢) على علاته : على كل حال ، والكميت : الخمر التي فيها سواد وحمرة ، القاموس. وهذا البيت ليس في ديوانه.
(٣) ديوانه : ١٠٩.
(٤) انظر ديوانه : ١٣٨.
(٥) النسا : عرق من الورك الى الكعب. القاموس.