فدفن الى جنبه ، وعمر على قبره تلك القبة ، فلما ملك زنكي حلب آثر أن يبني لأبيه مكانا ينقله اليه ، وكانت المدرسة بالزجاجين لم تتم ، وكان شرف الدين أبو طالب بن العجمي هو الذي يتولى عمارة هذه المدرسة ، فأشار على زنكي أن ينقل أباه اليها فنقله ، وأتم عمارة المدرسة ، ووقف على من يقرأ على قبره القرية المعروفة بشامر ، وهي جارية الى الآن ، وأما كارس التي هي وقف على المدرسة ، فأظنها وقف سليمان بن عبد الجبار.
وأخبرني أبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن العجمي قال : أراد أتابك زنكي أن ينقل أباه الى موضع يجدده عليه ، ويليق به ، فقال له أبي : أنا قد عمرت هذه المدرسة بالزجاجين ، وسأله أن ينقل أباه اليها ففعل ، واتخذ الجانب الشمالي تربة لأبيه ، ولمن يموت من ولده وغيرهم.
وحكى لي والدي رحمه الله أن أتابك زنكي لما نقل أباه من قرنبيا ، وأدخله الى مدرسة الزجاجين لم يدخل به من باب من أبواب مدينة حلب ، وانهم رفعوه من بعض الأسوار ودلوه الى المدينة ، لانهم يتطيرون بدخول الميت الى البلدة.
قال لي أبي : ووقف زنكي القرية المعروفة بشامر على تربة أبيه آق سنقر رحمه الله.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العظيمي ، وأنبأنا به عنه المؤيد ابن محمد (٢٧١ ـ و) الطوسي وغيره ، قال : سنة ثمانين وأربعمائة دولة قسيم الدولة وزيره أبو العز بن صدقة. فيها استقرت الرتبة بحلب للأمير قسيم الدولة آق سنقر من قبل السلطان العادل أبي الفتح ، وتوطدت له الامور بها ، وأقام الهيبة العظيمة التي لا يقدر عليها أحد من السلاطين ، وأظهر فيها من العدل والانصاف مع تلك الهيبة ما يطول شرحه. ورخصت الاسعار في أيامه الرخص الزائد عن الحد ، وقرب الحلبيين وأحبهم الحب المفرط. وأحبوه أضعاف ذلك ، وأقام الحدود. وأحبا