مجيد ، كاتب بليغ ، قدم حلب وأقام بها مدة ، ومدح بها الملك الظاهر غازي ابن يوسف.
روى عنه : أبو عبد الله بن الدبيثي الواسطي ، والفقيه علي بن ظافر بن أبي المنصور الاسكندراني ، وروى لنا عنه شيئا من شعره الخطيب تاج الدين أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم خطيب حلب ، وأثنى عليه ، وقال لي : كان من نوادر الزمان ، وكان على غاية من الفضل والعلم.
قال لي : وخرج هاربا من المغرب وركب البحر ، فرماه الهواء الى اللاذقية ، فسأل عن أقرب البلاد اليه ، فدلّ على حلب ، فسار اليها ودخلها ، ومدح بها الملك الظاهر غازي.
قال لي : وكان على غاية من الكرم والجود ، وحضرت يوما معه وهو في حمام النطاعين (١) بحلب ، ورجل يخاصم ناطور الحمام على شاش علم ضاع له في الحمام ، وكان على رأسه بقيار (٢) مثمن خلعه عليه الملك الظاهر ، فالتفت اليه وقال له : اسكت فأنا أقاسمك على البقيار الذي على رأسي ، فظن أنه يسخر منه ، فقال له : والله ما أقول لك إلّا حقا ، واستدعى منه سكينا وقطع البقيار بينه وبينه.
قرأت في كتاب بدائع البداية تأليف الفقيه أبي الحسن علي بن ظافر بن أبي المنصور قال : وأخبرني الفقيه أبو العرب بن معيشة الكناني السبتي قال : أخبرني شيخ من أهل اشبيلية كان قد أدرك دولة آل عباد ، وكان عليه آثار كبر السن ، ودلائل التعمير ما يشهد له بالصدق ، وينطق بأن قوله الحق ، قال : كنت في صباي حسن الصورة بديع الخلقة لا تلمحني عين أحد الا ملكت قلبه وخلست خلبه ، وسلبت لبه ، وأطلت كربه ، فبينا أنا واقف على باب دارنا اذا بالوزير أبي بكر بن (٣) عمار قد
__________________
(١) لم أقف لهذه الحمام على ذكر في أي من مصادر آثار حلب الاسلامية.
(٢) أورده ابن العديم بدون نقط ، وضبطته على معجم دوزي : ١ / ١٠٥ ، وقد عرفه على أنه نوع أنواع ألبسة الرأس.
(٣) أبو بكر محمد بن عمار شاعر المعتمد بن عباد ووزيره ، قتله بيده سنة ٤٧٧ ه (أو ٤٧٩) وأفضل ترجمة له هي المثبته في قلائد العقيان للفتح بن خاقان ـ ط بولاق ١٢٨٣ ه : ٨٣ ـ ٩٩.