أنس بن مالك قال : مطرت السماء بردا ، فقال لي أبو طلحة : ناولني من ذلك البرد فناولته ، فجعل يأكل منه وهو صائم في رمضان. قال : فقلت له : ألست صائم؟ قال : بلى إن هذا (١٨٨ ـ و) ليس بطعام ولا شراب وإنه برد من السماء يطهر به قلوبنا ، قال أنس : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال : «خذ عن عمك». (١) أخبرنا عبد الله بن الحسين قال : أخبرنا أبو طاهر ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال : أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال : أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال : حدثنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيدناني بمكة قال : حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال : سمعت علي بن بكار يقول : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : اتخذ الله صاحبا وذر الناس جانبا.
اسماعيل بن محمود بن زنكي بن آق سنقر :
أبو الفتح الملك الصالح ، نور الدين بن الملك العادل نور الدين بن قسيم الدولة الشهيد بن قسيم الدولة التركي ، ملك حلب بعد موت أبيه في سنة تسع وستين وخمسمائة ، وهو إذ ذاك صبي لم يبلغ الحلم ، وكان بدمشق مع والده.
فختنه في هذه السنة ، وسر بختانه ، وأخرج صدقات كثيرة وكسوات للايتام ، ختن منهم جماعة وزين البلد ، وأظهر سرورا كثيرا ، وتوفي بعد ختانه بأيام في يوم الاربعاء حادي عشر شوال ، فحلف أهل دمشق لولده الملك الصالح ، ووصل كتاب على جناح طائر الى حلب الى شاذبخت الخادم والي قلعة حلب بوفاة نور الدين ، فأمر في الحال بضرب الكوسات والدبادب والبوقات ، وكتم موته ، وأحضر المقدمين والاعيان والفقهاء والامراء ، وقال : هذا كتاب الطائر قد وصل يذكر فيه أن مولانا الملك العادل قد ختن ولده ، وولاه العهد بعده ، ومشى بين يديه ، فسروا بذلك ، وحمدو الله سبحانه عليه ، ثم قال لهم : تحلفون لولده الملك الصالح كما أمر بأن حلب له ، وأن طاعتكم له وخدمتكم كما كانت لأبيه ، فاستحلف الناس على ذلك على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم في ذلك اليوم ، ولم يترك أحدا منهم يزول من مكانه ، ثم قام
__________________
(١) انظره في كنز العمال : ٨ / ٦٠٢ (٢٤٣٣٩).