كان قولك هذا في نصراني خنزير فما الذي أبقيت لنا؟ تقول : «طويت سماء المكرمات» وما بقي بعده كريم ، ثم أمر بابعاده من مصر وقطع جاريه وجرايته ورسمه ، وقال : ان سمعت بخبره ضربت رقبته ، فلما طال الأمر عليه ، وحرم رزقه وعجز عن قيام أوده ، عدّى في مركب حتى أرسى تحت الروضة ، فلما رآه الأفضل انتهره وقال : ما سمعت أني متى رأيتك في الدنيا ضربت عنقك؟ أحضروا السياف ، فقال : وحق نعمتك ما أنا في الدنيا ، ولا أنا إلّا في الآخرة في النعيم المقيم ، وهذه روضة الجنة ، ثم أنشده قصيدة من جملتها :
أين محل النجوم من هممك |
|
وأين فيض السحاب من كرمك |
وبالمعالي التي شرفت بها |
|
حتى كأن النجوم من خدمك |
(١٨٤ ـ ظ)
احتكمت فيه كل نائبة |
|
حكم المداد الذي على قلمك |
فعفا عنه ، وأجرى عليه راتبه ، وأجري على الانشاد بالحضرة الأفضلية ، وقيل انه أنشده القصيدة التي فيها :
لا تغررنك وجنة محمرة |
|
رقت ففي الياقوت طبع الجلمد |
وقيل انه كتب اليه :
هل أنت منقذ شلوى من يدي زمن |
|
أضحى يقد قميصي قد منتهس |
دعوتك الدعوة الأولى وبي رمق |
|
وهذه دعوتي والدهر مفترسي |
فأحضره وعفا عنه ، وسأله عن قيام أوده في هذه المدة ، فأخبره أنه باع حتى الثوب الذي عليه ، إلى أن سببّ الله له باجتماعه بإنسان فأعلمه بعلته ، فاشتراه ، فاستعلمها الشيخ الأجل منه (١) ، فقال له الأفضل : ما سألته عن حاله في أيّام عسرته ، تسأله عن شيء أغناه الله به عنا! واستكتمه ، وقال له : أمسك ، ثم قال : أنشدنا مما رّقفت وزينت لفظه ولفّقت ، فقال ارتجالا :
(و) (٢) لما رأيتك فوق السرير |
|
ولاح لي الستر والمستند |
__________________
(١) من أعوان الافضل المقربين.
(٢) اضيفت الواو حتى يستقيم الوزن.