أنبأنا أحمد بن أزهر السباك عن أبي بكر الأنصاري قال : أنبأنا أبو غالب بن بشران قال : حدثنا محمد بن علي نصر قال : أبو الخطاب بن عون الحريري وحدثني عنه أبو القاسم الشاعر بذلك ، وقد رأيته ولم أسمع منه هذه الحكاية قال : دخلت الى أبي العباس النامي فوجدته جالسا ورأسه كالثغامة بياضا وفيه شعرة واحدة سوداء ، قلت له : يا سيدي في رأسك شعرة سوداء ، قال : نعم ، هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها ، ولي فيها شعر ، قلت : أنشدنيه فأنشدني :
رأيت في الرأس شعرة بقيت |
|
سوداء تهوى العيون رؤيتها |
فقلت للبيض إذ تروعها |
|
بالله ألا رحمت غربتها |
وقلّ لبث السوداء في وطن |
|
تكون فيه البيضاء ضرتها |
ثم قال : يا أبا الخطاب بيضاء واحدة تروع ألف سوداء ، فكيف بسوداء بين بين ألف بيضاء؟! قرأت في نسخة قديمة من ديوان شعر أبي العباس (٣٧ ـ و) النامي ، وأظنها بخط جامع شعره ، ما صورته : وكنت أنشدت في ليلة من الليالي سيف الدولة أبيات البحتري.
وأبت تركي الغديات والآ |
|
صال حتى خضبت بالمقراض |
شعرات أقصهن ويرجع |
|
ن رجوع السهام في الأغراض |
فهل الحادثات يا بن عويف |
|
تاركاتي ولبس هذا البياض (١) |
فاستحسنها وقال للنامي : أعمل مثل هذا ، فعمل قصيدة يمتدحه ويصف الشيب وفيها :
ولقد جارت النهى فتغاضيت |
|
لبيض نهين بعض التغاضي |
ثم خفت انقراض ود الغواني (٢) |
|
فاستعرت الصبا من المقراض |
__________________
(١) ديوان البحتري : ١ / ٤٤٣ ـ ٤٤٤.
(٢) كتب ابن العديم في الحاشية : نسخه ، العذارى.