أنه قد أنسي تلك الحال لبعدها توبيخا له إلى أن يكاد يبكي فيقول : نعم نعم هاتها الآن ؛ قال : وربما اغتاظ لطول العهد وخروج الزمان عن الحد فلا يأذن له في الانشاد (٣٥ ـ و).
قال أبو علي التنوخي : وأخبرني أبو عبد الله بن الصقر هذا قال : كنت قائما بين يدي سيف الدولة وقد ولد له قبل ذلك بتسعة أشهر مولود ، وهنأه الشعراء عليه ، فجاء النامي واستأذنه في الانشاد يهنيه بالمولود ، فقال له سيف الدولة : يا أبا العباس الصبي قد حان لنا أن نسلمه الى الكتاب ، تنشدنا تهنئة بولادته الآن ، فما زال يتضرع حتى أذن له.
قال أبو علي : وأخبرني ابن الصقر هذا ، قال : قال لي النّامي يوما : كنت البارحة أعمل شعرا فصعق ديك سمعت صياحه ، فانقطع خاطري قال : فقلت له : لا يجب أن تخبر بهذا عن نفسك.
قرأت بخط محمد بن علي بن نصر الكاتب في كتاب «المفاوضة» ، وأنبأنا المؤيد بن محمد بن علي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال : أخبرنا أبو غالب بن بشران ـ إجازة ـ قال : حدثنا محمد بن علي بن نصر قال : حدثني أبو الفرج الببغاء قال : قصدت يوما أبا العباس النامي المصيصي بعد تأخره عن سيف الدولة لأجل ما كان تنجّز بينهما في معنى المتنبي وتقديمه له عليه ، فعرفته خبره ، وتفاوضنا ما جرى مع سيف الدولة ، فقال : يا أبا الفرج خدمته الدهر الأطول وما رعى ، واستجمل أن يقول لي : قال المتنبي ، وأنا الذي أقول :
له نظرة نحو الحمول بحومل |
|
وأخرى الى ودّان صادقة الودّ |
(٣٥ ـ ظ)
الى ها هنا عهد الوداع الذي به |
|
عهدت وما لي بالتجلّد من عهد |
فيا قلب أعوان عليك كثيرة |
|
وما لك صبر عليهن من بدّ |