قال أبو عمرو : وأخبرني علي بن سلمة قال : حدثنا شاذان وكان وكيلا لآل طاهر قال : رأيت الليلة التي مات فيها اسحاق بن إبراهيم كأن عليه ازارا ورداءا وهو يتحرك كأنه قائم مستقبل قبره الذي دفن فيه ومعه رجال كثير كأنهم قالوا : لاسحق ابن إبراهيم : أين تريد؟ فقال اسحاق بن إبراهيم : أريد الحج (١).
اسحاق بن ابراهيم بن مصعب بن رزيق بن أسعد الخزاعي ،
مولاهم ، أبو الحسن ، وهو ابن عم طاهر بن الحسين ذي اليمينين ، ومصعب ابن رزيق مولى خزاعة ، ولي حلب والعواصم بأسرها والثغور ، استعمله المأمون عليها ، وعزل ابنه العباس بن المأمون عنها في سنة أربع عشرة ومائتين.
وقرأت في تاريخ محمد بن أبي الأزهر الكاتب أن ذلك كان في سنة خمس عشرة (٢٣٥ ـ ظ) ومائتين ، قال : ثم عزل المأمون إسحاق بن ابراهيم في السنة التي ولاه وأعاد ابنه العباس بن المأمون الى الولاية ، وعقد لإسحق ولاية مصر.
وقد روي عنه إنشاد من الشعر ، وحكى عنه أحمد بن محمد بن المدبر ، وأبو حشيشة ، وكان أميرا عاقلا متميزا مذكورا وجيها كريم الأخلاق ، وعظم أمره عند المتوكل حتى جعل إليه أمر القضاء ، فعزل وولى.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال : أخبرنا أبو القاسم بن بوش الآزجي قال : أخبرنا أبو العز بن كادش قال : أخبرنا أبو علي الجازري قال : أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال : حدثنا علي بن محمد ابن الجهم أبو طالب الكاتب قال : حدثني القاسم بن أحمد الكاتب قال : حدثني أحمد بن محمد بن مدبر قال : حدثني إسحاق بن ابراهيم بن مصعب قال : تضمنت السواد من المأمون لسنة ثلاث عشرة ومائتين بأربعمائة ألف كر شعير مصرفا بالفالج (٢) حاصلا وثمانية آلاف درهم سوى مؤن العمل وأرزاق العمال وغير ذلك ، فارتفع لي فيه من الفضل بعد المؤن والأرزاق الجارية عشرون ألف ألف درهم ، قال : فأتيت المأمون فقلت : يا أمير المؤمنين إني قد استفضلت في ضمان السواد
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر : ٢ / ٣٦٣ ظ.
(٢) الكر مقياس للعراق ، هو ستة أوقار حمار أو ستون قفيزا أو أربعون اردبا ، والذي أراده هنا أن الضمان شمل نفقات فلاحة الارض ـ انظر القاموس.